العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلامهم في الغيبة والرد عليه]

صفحة 234 - الجزء 1

  فجعله بلفظ الجمع، ولو كان واحداً لقال: الخانس أو الخنَّاس، وهذه صفة الشيطان شَرُفَ⁣(⁣١) عنها أولياء الرحمن، وكذلك في قوله: [و]⁣(⁣٢) الجوار جمع جارية الكنس لازمات الكناس، وقد قيل في تفسير الآية: إن المراد بها النجوم، وكنوسها غيبوبتها في النهار كما تغيب بقر الوحش في الكناس، وبعضهم قال: إنها بقر الوحش وهي [خنس الأنوف]⁣(⁣٣) وهنَّ موصوفات بالجري وتشبه العرب بها المهَارى وهو في الشعر كثير، ولزومهنَّ للكناس معروف، وفائدة القسم بهنَّ ما يتضمن خلقهنَّ وأحوالهنَّ من الدلائل على الله تعالى، لأن في خلقهنَّ عجباً عجيباً يدل على الصانع الحكيم كل لبيب، وكذلك في تعيينه لغيبته سنة ستين وما ئتين هو فرع على وجوده، والخلاف واقع في أمره على ما يذكره⁣(⁣٤) في موضعه، ولإن الإمام لا يجوز له أن يخنس عن الأمة، لأنه يريد تقويمها، فكيف يقومها ويصلحها مع الخنوس عنها، فهذا مما يدل على ضعف الخبر لأنه معارض للكتاب والسنة، لأن الله تعالى أمر الأئمة خاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمر المسلمين عامَّة، وأمر الأئمة خاصة دون غيرهم بإقامة الحدود، وحفظ البيضة، وسياسة الجمهور، وسد الثغور، والغيبة تنافي ذلك [كله]⁣(⁣٥)، وفي الحديث نهى عن التنويه باسمه، والتنويه باسمه من فرائض الله في أمره لأنه لا يخاف من التنويه باسمه مضرة عليه، لأن الله تعالى حكى عن نبيه وخليله إبراهيم: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ}⁣[الشعراء: ٨٤]، فأراد أن يُذَكِّر ولا مخافة عليه على قولهم في انكتامه.


(١) في (ب، وج): يشرف.

(٢) سقط من (أ)، وهو في (ب، وج).

(٣) في (ب، وج): وهي جنس لايعرف.

(٤) في (ج): تذكره.

(٥) سقط من (ب).