العقد الثمين في أحكام الأئمة الهادين،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلامهم في الغيبة والرد عليه]

صفحة 236 - الجزء 1

  وذكر مصنِّف الكتاب: إن أبا عبدالله سُئِل عن استدارة الفلك؟ فقال: هو اختلاف الشيعة، وهذا تفسيرٌ لا يليق بالعلماء، فكيف بأئمة الهدى، لأن الشيعة لا تسمى فلكاً، فإن قيل: على وجه المجاز، فقل: لا يجوز العدول عن الحقيقة إلاَّ لمانعٍ، ولا مانع نعلمه هاهنا.

  وذكر صاحب الكتاب: إن طوائف الشيعة مخالفة للشرذمة القطعية المقيمة على إمامة الخلف ابن الحسين⁣(⁣١) بن علي @، لأن الجمهور قال من الشيعة يقول في الخلف أين هو؟ وأنَّى يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش هذا؟ وله الآن نيف وثمانون سنة.

  قال: فمنهم من يذهب إلى أنه ميت، ومنهم من ينكر ولادته ويجحد وجوده بواحدة، ويستهزئ المصدق به.

  ومنهم: من يستبعد المدة، ويستطيل الأمد⁣(⁣٢)، وهذا قول مصنِّف كتاب (الغيبة)، وقد حكى فيه الإختلاف بل الخلاف من جمهور الشيعة في ثبوت ولادته ووجوده، ولا بد أن يكون الإمام معلوماً بحيث لا اختلاف فيهم لتقوم الحجة على من أنكره، لأنَّ من أنكر المنكور فهو عند الأحرار معذور، والإختلاف في استحقاق الإمامة فرع على العلم بالإمام، فتأمَّل ذلك، لأنَّ الذي ينكر وجوده يطلب إقامة الحجة على وجوده؛ بحيث لا يمكن الإنكار؛ لأنَّ الواجب على الله تعالى من طريق الحكمة أن يعرفنا ما تعبدنا به، وإلاَّ سقط عنَّا فرض ذلك.

  وروى ما بلغ به مسلمة⁣(⁣٣) الثقفي، عن أبي عبدالله # أنه قال: إذا فقد


(١) في (ج): الخلف بن الحسن، وفي كتاب الغيبة أيضاً كذلك.

(٢) انظر كلامه في ص ١٥٧ من كتاب الغيبة.

(٣) في كتاب الغيبة محمد بن مسلم الثقفي عن أبي عبدالله.