[كلامهم في الغيبة والرد عليه]
  ليس منَّا أحد يشار إليه بالأصابع ويمضغ بالألسن إلاَّ مات غيظاً أو حتف أنفه(١)، فهذه روايتهم عن أبي عبدالله # على أن الإمام المنتظر من عَمت(٢) عن الناس ولادته، وإذا صح أن ولادته عميت للناس بشهادة الإمام الذي لا مرية في قوله، فكيف تلزم حجته مع أنه قد شهد بأن ولادته عامية على الناس، فإمَّا أن يصحح الخبر فيسقط فرض الحجة، وإمَّا أن لا يحقق الخبر فيرجع إلى دليل ثاني، لأنَّ الولادة تنتهي إلى المشاهدة، ولا بد من حصول العلم الضروري لمن لزمه فرض ذلك، وإلاَّ كان ساقطاً، والاستدلال لا يتعلق حكمه بالمشاهدات.
  ومثله رَوَاهُ عنه # إلاَّ أنه قال في آخره: لا والله، ما أنا بصاحبكم، ولا يشار إلى رجلٍ منَّا بالأصابع، ولا يمط إليه بالحواجب إلاَّ مات قتلاً أو حتف أنفه، قلت: وما حتف أنفه؟ قال: يموت غيظاً على فراشه حتى يبعث الله من لا يؤبه لولادته، قلت: ومن لا يؤبه لولادته؟ قال: انظر من لا يدري الناس أنه ولد أم لا فذلك صاحبكم(٣)، وهذا كما ترى شبيه بالأول، وفيه زيادة أنه لا يؤبه، وفسّره بأنه لا يدري الناس ولد أم لا، فلا يخلو إمَّا أن يكون فرض اعتقاد إمامته واجباً على الجميع، أم لا، فإن قال بوجوبه وهو قولهم، قيل: فهل تعبَّدنا الله بإعتقاد إمامة من لا نعلم(٤) ولادته فضلاً عن اعتبار أحواله؟ فما هذا الغلط الفاحش والضلال البعيد والزيغ الشديد، فنسأل الله تعالى الثبات في الأمر.
(١) الخبر في كتاب الغيبة ص ١٦٧ رقم ٧.
(٢) في (ب، وج): عميت.
(٣) الحديث في الغيبة للنعماني برقم ٨ ص ١٦٨، وبلفظ مقارب رقم ٩.
(٤) في (ج): من لم يعلم