[قول: المعصوم يؤدي إلى العلم والرد عليها]
  تعالى على عباده، وتعذرها في وقت لايسقطها في وقت آخر، ولو أن المكلف اعتذر [أن في القيام](١) بالتكليف بأنه عاجز، ولا يقدر عليه لما صدقناه، وألزمنا نفي عدالته، وإن كان صدقه يجوز كما إذا علمنا شخصين أحدهما صحيح سوي، والثاني مقعد يعلم حاله كذلك، وقلنا قوما للصلاة، قال المقعد: لاأقدر، وقال الذي نعلم صحته: لاأقدر فإنَّا نعذر المقعد، ولا يعذر الصحيح، وإن جوَّزنا أن يعدمه اللَّه القدرة في تلك الحال، فهؤلاء أئمة ادَّعى لهم جهال أشياعهم أنهم قدروا على الفرار، ولم يقدروا على الجهاد ثم جوزوا استمرار العذر آخر الدهر لأن حكم مابقي كحكم مامضى في أن التكليف فيه مستمر فلئن جاز للإمام تعطيل الأحكام، وترك الجهاد، والدعاء إلى اللَّه تعالى، ومنابذة الظالمين، وقبض الحقوق، وإقامة الحدود، وترك الجمعة إلى غير ذلك من أعمال الإمامة فيما مضى ليجوزن له ترك ذلك فيما بقي، وإلا فما المخصص إذا الحال واحدة، والشرط واحد، ولأن الأمة مجمعة على أن الإمام إذا رفض الأمة، وترك النظر فيها، وأهمل الحدود تبطل إمامته.
  وعندنا إذا احتجب احتجاباً غليظاً يضيع به دهماؤهم كان ذلك قدحاً في إمامته لأنه إنما يراد لصلاح الأمة، وكشف الغمة، أو إبلاء العذر في ذلك بالدعاء إلى اللَّه تعالى، ومنابذة أعدائه، والجهاد في سبيله فإن عُصِي فقد عُصِي أنبياء اللَّه تعالى، وإن حُورب فقد حوربوا، والحجة قائمة لله تعالى، ولرسله(٢) على أعدائه، ولو عدم الرسل والأئمة قبل الدعاء لما بلغت الحجة ولا لزم حكم البرهان، وقد قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً}[الإسراء: ١٥]، فقول من قال: بانكتام حجج اللَّه
(١) في (ج): نافي القيام.
(٢) في (ج): ولرسوله.