86 - ومن خطبة له # وفيها بيان صفات الحق ﷻ، ثم عظة الناس بالتقوى والمشورة
  أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى قَدْ سَمَّى آثَارَكُمْ وعَلِمَ أَعْمَالَكُمْ وكَتَبَ آجَالَكُمْ وأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ الْكِتَابَ {تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وعَمَّرَ فِيكُمْ نَبِيَّه أَزْمَاناً حَتَّى أَكْمَلَ لَه ولَكُمْ فِيمَا أَنْزَلَ مِنْ كِتَابِه دِينَه الَّذِي رَضِيَ لِنَفْسِه وأَنْهَى إِلَيْكُمْ عَلَى لِسَانِه مَحَابَّه مِنَ الأَعْمَالِ ومَكَارِهَه ونَوَاهِيَه وأَوَامِرَه وأَلْقَى إِلَيْكُمُ الْمَعْذِرَةَ واتَّخَذَ عَلَيْكُمُ الْحُجَّةَ وقَدَّمَ {إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} وأَنْذَرَكُمْ {بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ} فَاسْتَدْرِكُوا بَقِيَّةَ أَيَّامِكُمْ واصْبِرُوا لَهَا أَنْفُسَكُمْ فَإِنَّهَا قَلِيلٌ فِي كَثِيرِ الأَيَّامِ الَّتِي تَكُونُ مِنْكُمْ فِيهَا الْغَفْلَةُ والتَّشَاغُلُ عَنِ الْمَوْعِظَةِ ولَا تُرَخِّصُوا لأَنْفُسِكُمْ فَتَذْهَبَ بِكُمُ الرُّخَصُ مَذَاهِبَ الظَّلَمَةِ ولَا تُدَاهِنُوا فَيَهْجُمَ بِكُمُ الإِدْهَانُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ عِبَادَ اللَّه إِنَّ أَنْصَحَ النَّاسِ لِنَفْسِه أَطْوَعُهُمْ لِرَبِّه وإِنَّ أَغَشَّهُمْ لِنَفْسِه أَعْصَاهُمْ لِرَبِّه والْمَغْبُونُ مَنْ غَبَنَ نَفْسَه والْمَغْبُوطُ مَنْ سَلِمَ لَه دِينُه والسَّعِيدُ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِه والشَّقِيُّ مَنِ انْخَدَعَ لِهَوَاه وغُرُورِه واعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ ومُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلإِيمَانِ ومَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ جَانِبُوا الْكَذِبَ فَإِنَّه مُجَانِبٌ لِلإِيمَانِ الصَّادِقُ عَلَى شَفَا مَنْجَاةٍ وكَرَامَةٍ والْكَاذِبُ عَلَى شَرَفِ مَهْوَاةٍ ومَهَانَةٍ ولَا