نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

157 - ومن خطبة له # يحث الناس على التقوى

صفحة 221 - الجزء 1

١٥٧ - ومن خطبة له # يحث الناس على التقوى

  الْحَمْدُ لِلَّه الَّذِي جَعَلَ الْحَمْدَ مِفْتَاحاً لِذِكْرِه وسَبَباً لِلْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِه ودَلِيلًا عَلَى آلَائِه وعَظَمَتِه.

  عِبَادَ اللَّه إِنَّ الدَّهْرَ يَجْرِي بِالْبَاقِينَ كَجَرْيِه بِالْمَاضِينَ لَا يَعُودُ مَا قَدْ وَلَّى مِنْه ولَا يَبْقَى سَرْمَداً مَا فِيه آخِرُ فَعَالِه كَأَوَّلِه مُتَشَابِهَةٌ أُمُورُه مُتَظَاهِرَةٌ أَعْلَامُه فَكَأَنَّكُمْ بِالسَّاعَةِ تَحْدُوكُمْ حَدْوَ الزَّاجِرِ بِشَوْلِه فَمَنْ شَغَلَ نَفْسَه بِغَيْرِ نَفْسِه تَحَيَّرَ فِي الظُّلُمَاتِ وارْتَبَكَ فِي الْهَلَكَاتِ ومَدَّتْ بِه شَيَاطِينُه فِي طُغْيَانِه وزَيَّنَتْ لَه سَيِّئَ أَعْمَالِه فَالْجَنَّةُ غَايَةُ السَّابِقِينَ والنَّارُ غَايَةُ الْمُفَرِّطِينَ.

  اعْلَمُوا عِبَادَ اللَّه أَنَّ التَّقْوَى دَارُ حِصْنٍ عَزِيزٍ والْفُجُورَ دَارُ حِصْنٍ ذَلِيلٍ لَا يَمْنَعُ أَهْلَه ولَا يُحْرِزُ مَنْ لَجَأَ إِلَيْه أَلَا وبِالتَّقْوَى تُقْطَعُ حُمَةُ الْخَطَايَا وبِالْيَقِينِ تُدْرَكُ الْغَايَةُ الْقُصْوَى.

  عِبَادَ اللَّه اللَّه اللَّه فِي أَعَزِّ الأَنْفُسِ عَلَيْكُمْ وأَحَبِّهَا إِلَيْكُمْ فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَوْضَحَ لَكُمْ سَبِيلَ الْحَقِّ وأَنَارَ طُرُقَه فَشِقْوَةٌ لَازِمَةٌ أَوْ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ فَتَزَوَّدُوا فِي أَيَّامِ الْفَنَاءِ لأَيَّامِ الْبَقَاءِ قَدْ دُلِلْتُمْ عَلَى الزَّادِ وأُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ وحُثِثْتُمْ عَلَى الْمَسِيرِ فَإِنَّمَا أَنْتُمْ كَرَكْبٍ