111 - ومن خطبة له # في ذم الدنيا
  صُحْبَةً بَلْ أَرْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَادِحِ وأَوْهَقَتْهُمْ بِالْقَوَارِعِ وضَعْضَعَتْهُمْ بِالنَّوَائِبِ وعَفَّرَتْهُمْ لِلْمَنَاخِرِ ووَطِئَتْهُمْ بِالْمَنَاسِمِ وأَعَانَتْ عَلَيْهِمْ رَيْبَ الْمَنُونِ فَقَدْ رَأَيْتُمْ تَنَكُّرَهَا لِمَنْ دَانَ لَهَا وآثَرَهَا وأَخْلَدَ إِلَيْهَا حِينَ ظَعَنُوا عَنْهَا لِفِرَاقِ الأَبَدِ وهَلْ زَوَّدَتْهُمْ إِلَّا السَّغَبَ أَوْ أَحَلَّتْهُمْ إِلَّا الضَّنْكَ أَوْ نَوَّرَتْ لَهُمْ إِلَّا الظُّلْمَةَ أَوْ أَعْقَبَتْهُمْ إِلَّا النَّدَامَةَ أَفَهَذِه تُؤْثِرُونَ أَمْ إِلَيْهَا تَطْمَئِنُّونَ أَمْ عَلَيْهَا تَحْرِصُونَ فَبِئْسَتِ الدَّارُ لِمَنْ لَمْ يَتَّهِمْهَا ولَمْ يَكُنْ فِيهَا عَلَى وَجَلٍ مِنْهَا فَاعْلَمُوا وأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ بِأَنَّكُمْ تَارِكُوهَا وظَاعِنُونَ عَنْهَا واتَّعِظُوا فِيهَا بِالَّذِينَ قَالُوا «مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً» حُمِلُوا إِلَى قُبُورِهِمْ فَلَا يُدْعَوْنَ رُكْبَاناً وأُنْزِلُوا الأَجْدَاثَ فَلَا يُدْعَوْنَ ضِيفَاناً وجُعِلَ لَهُمْ مِنَ الصَّفِيحِ أَجْنَانٌ ومِنَ التُّرَابِ أَكْفَانٌ ومِنَ الرُّفَاتِ جِيرَانٌ فَهُمْ جِيرَةٌ لَا يُجِيبُونَ دَاعِياً ولَا يَمْنَعُونَ ضَيْماً ولَا يُبَالُونَ مَنْدَبَةً إِنْ جِيدُوا لَمْ يَفْرَحُوا وإِنْ قُحِطُوا لَمْ يَقْنَطُوا جَمِيعٌ وهُمْ آحَادٌ وجِيرَةٌ وهُمْ أَبْعَادٌ مُتَدَانُونَ لَا يَتَزَاوَرُونَ وقَرِيبُونَ لَا يَتَقَارَبُونَ حُلَمَاءُ قَدْ ذَهَبَتْ أَضْغَانُهُمْ وجُهَلَاءُ قَدْ مَاتَتْ أَحْقَادُهُمْ لَا يُخْشَى فَجْعُهُمْ ولَا يُرْجَى دَفْعُهُمْ اسْتَبْدَلُوا بِظَهْرِ الأَرْضِ بَطْناً وبِالسَّعَةِ ضِيقاً وبِالأَهْلِ غُرْبَةً وبِالنُّورِ ظُلْمَةً فَجَاءُوهَا كَمَا فَارَقُوهَا حُفَاةً عُرَاةً،