نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

151 - ومن خطبة له # يحذر من الفتن

صفحة 210 - الجزء 1

  عَبْدُه ورَسُولُه ونَجِيبُه وصَفْوَتُه لَا يُؤَازَى فَضْلُه ولَا يُجْبَرُ فَقْدُه أَضَاءَتْ بِه الْبِلَادُ بَعْدَ الضَّلَالَةِ الْمُظْلِمَةِ والْجَهَالَةِ الْغَالِبَةِ والْجَفْوَةِ الْجَافِيَةِ والنَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ الْحَرِيمَ ويَسْتَذِلُّونَ الْحَكِيمَ يَحْيَوْنَ عَلَى فَتْرَةٍ ويَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَةٍ.!

  التحذير من الفتن

  ثُمَّ إِنَّكُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ أَغْرَاضُ بَلَايَا قَدِ اقْتَرَبَتْ فَاتَّقُوا سَكَرَاتِ النِّعْمَةِ واحْذَرُوا بَوَائِقَ النِّقْمَةِ وتَثَبَّتُوا فِي قَتَامِ الْعِشْوَةِ واعْوِجَاجِ الْفِتْنَةِ عِنْدَ طُلُوعِ جَنِينِهَا وظُهُورِ كَمِينِهَا وانْتِصَابِ قُطْبِهَا ومَدَارِ رَحَاهَا تَبْدَأُ فِي مَدَارِجَ خَفِيَّةٍ وتَئُولُ إِلَى فَظَاعَةٍ جَلِيَّةٍ شِبَابُهَا كَشِبَابِ الْغُلَامِ وآثَارُهَا كَآثَارِ السِّلَامِ يَتَوَارَثُهَا الظَّلَمَةُ بِالْعُهُودِ أَوَّلُهُمْ قَائِدٌ لِآخِرِهِمْ وآخِرُهُمْ مُقْتَدٍ بِأَوَّلِهِمْ يَتَنَافَسُونَ فِي دُنْيَا دَنِيَّةٍ ويَتَكَالَبُونَ عَلَى جِيفَةٍ مُرِيحَةٍ وعَنْ قَلِيلٍ يَتَبَرَّأُ التَّابِعُ مِنَ الْمَتْبُوعِ والْقَائِدُ مِنَ الْمَقُودِ فَيَتَزَايَلُونَ بِالْبَغْضَاءِ ويَتَلَاعَنُونَ عِنْدَ اللِّقَاءِ ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ طَالِعُ الْفِتْنَةِ الرَّجُوفِ والْقَاصِمَةِ الزَّحُوفِ فَتَزِيغُ قُلُوبٌ بَعْدَ اسْتِقَامَةٍ وتَضِلُّ رِجَالٌ بَعْدَ سَلَامَةٍ وتَخْتَلِفُ الأَهْوَاءُ عِنْدَ هُجُومِهَا وتَلْتَبِسُ الآرَاءُ عِنْدَ نُجُومِهَا مَنْ أَشْرَفَ لَهَا قَصَمَتْه ومَنْ سَعَى فِيهَا حَطَمَتْه يَتَكَادَمُونَ فِيهَا تَكَادُمَ الْحُمُرِ فِي الْعَانَةِ قَدِ اضْطَرَبَ مَعْقُودُ