نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

181 - ومن كلام له #

صفحة 266 - الجزء 1

  لَمْ يُخْفِ عَنْكُمْ شَيْئاً مِنْ دِينِه ولَمْ يَتْرُكْ شَيْئاً رَضِيَه أَوْ كَرِهَه إِلَّا وجَعَلَ لَه عَلَماً بَادِياً وآيَةً مُحْكَمَةً تَزْجُرُ عَنْه أَوْ تَدْعُو إِلَيْه فَرِضَاه فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ وسَخَطُه فِيمَا بَقِيَ وَاحِدٌ واعْلَمُوا أَنَّه لَنْ يَرْضَى عَنْكُمْ بِشَيْءٍ سَخِطَه عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ولَنْ يَسْخَطَ عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ رَضِيَه مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وإِنَّمَا تَسِيرُونَ فِي أَثَرٍ بَيِّنٍ وتَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَوْلٍ قَدْ قَالَه الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ قَدْ كَفَاكُمْ مَئُونَةَ دُنْيَاكُمْ وحَثَّكُمْ عَلَى الشُّكْرِ وافْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ.

  الوصية بالتقوى

  وأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى وجَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاه وحَاجَتَه مِنْ خَلْقِه فَاتَّقُوا اللَّه الَّذِي أَنْتُمْ بِعَيْنِه ونَوَاصِيكُمْ بِيَدِه وتَقَلُّبُكُمْ فِي قَبْضَتِه إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَه وإِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَه قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً لَا يُسْقِطُونَ حَقّاً ولَا يُثْبِتُونَ بَاطِلًا واعْلَمُوا أَنَّه {مَنْ يَتَّقِ الله يَجْعَلْ لَه مَخْرَجاً} مِنَ الْفِتَنِ ونُوراً مِنَ الظُّلَمِ ويُخَلِّدْه فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُه ويُنْزِلْه مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَه فِي دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِه ظِلُّهَا عَرْشُه ونُورُهَا بَهْجَتُه وزُوَّارُهَا مَلَائِكَتُه ورُفَقَاؤُهَا رُسُلُه فَبَادِرُوا الْمَعَادَ وسَابِقُوا الآجَالَ فَإِنَّ النَّاسَ يُوشِكُ أَنْ يَنْقَطِعَ بِهِمُ الأَمَلُ ويَرْهَقَهُمُ الأَجَلُ ويُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَيْه الرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وأَنْتُمْ بَنُو سَبِيلٍ عَلَى سَفَرٍ مِنْ دَارٍ