نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

190 - ومن خطبة له # يحمد الله ويثني على نبيه ويعظ بالتقوى

صفحة 282 - الجزء 1

  جَدِيدُهَا رَثّاً وسَمِينُهَا غَثّاً فِي مَوْقِفٍ ضَنْكِ الْمَقَامِ وأُمُورٍ مُشْتَبِهَةٍ عِظَامٍ ونَارٍ شَدِيدٍ كَلَبُهَا عَالٍ لَجَبُهَا سَاطِعٍ لَهَبُهَا مُتَغَيِّظٍ زَفِيرُهَا مُتَأَجِّجٍ سَعِيرُهَا بَعِيدٍ خُمُودُهَا ذَاكٍ وُقُودُهَا مَخُوفٍ وَعِيدُهَا عَمٍ قَرَارُهَا مُظْلِمَةٍ أَقْطَارُهَا حَامِيَةٍ قُدُورُهَا فَظِيعَةٍ أُمُورُهَا {وسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} قَدْ أُمِنَ الْعَذَابُ وانْقَطَعَ الْعِتَابُ وزُحْزِحُوا عَنِ النَّارِ واطْمَأَنَّتْ بِهِمُ الدَّارُ ورَضُوا الْمَثْوَى والْقَرَارَ الَّذِينَ كَانَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا زَاكِيَةً وأَعْيُنُهُمْ بَاكِيَةً وكَانَ لَيْلُهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ نَهَاراً تَخَشُّعاً واسْتِغْفَارًا وكَانَ نَهَارُهُمْ لَيْلًا تَوَحُّشاً وانْقِطَاعاً فَجَعَلَ اللَّه لَهُمُ الْجَنَّةَ مَآباً والْجَزَاءَ ثَوَاباً {وكانُوا أَحَقَّ بِها وأَهْلَها} فِي مُلْكٍ دَائِمٍ ونَعِيمٍ قَائِمٍ.

  فَارْعَوْا عِبَادَ اللَّه مَا بِرِعَايَتِه يَفُوزُ فَائِزُكُمْ وبِإِضَاعَتِه يَخْسَرُ مُبْطِلُكُمْ وبَادِرُوا آجَالَكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فَإِنَّكُمْ مُرْتَهَنُونَ بِمَا أَسْلَفْتُمْ ومَدِينُونَ بِمَا قَدَّمْتُمْ وكَأَنْ قَدْ نَزَلَ بِكُمُ الْمَخُوفُ فَلَا رَجْعَةً تَنَالُونَ ولَا عَثْرَةً تُقَالُونَ اسْتَعْمَلَنَا اللَّه وإِيَّاكُمْ بِطَاعَتِه وطَاعَةِ رَسُولِه وعَفَا عَنَّا وعَنْكُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِه.

  الْزَمُوا الأَرْضَ واصْبِرُوا عَلَى الْبَلَاءِ ولَا تُحَرِّكُوا بِأَيْدِيكُمْ وسُيُوفِكُمْ فِي هَوَى أَلْسِنَتِكُمْ ولَا تَسْتَعْجِلُوا بِمَا لَمْ يُعَجِّلْه اللَّه لَكُمْ.