نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

191 - ومن خطبة له # يحمد الله ويثني على نبيه ويوصي بالزهد والتقوى

صفحة 284 - الجزء 1

  الوصية بالزهد والتقوى

  عِبَادَ اللَّه أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّه فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّه عَلَيْكُمْ والْمُوجِبَةُ عَلَى اللَّه حَقَّكُمْ وأَنْ تَسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بِاللَّه وتَسْتَعِينُوا بِهَا عَلَى اللَّه فَإِنَّ التَّقْوَى فِي الْيَوْمِ الْحِرْزُ والْجُنَّةُ وفِي غَدٍ الطَّرِيقُ إِلَى الْجَنَّةِ مَسْلَكُهَا وَاضِحٌ وسَالِكُهَا رَابِحٌ ومُسْتَوْدَعُهَا حَافِظٌ لَمْ تَبْرَحْ عَارِضَةً نَفْسَهَا عَلَى الأُمَمِ الْمَاضِينَ مِنْكُمْ والْغَابِرِينَ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهَا غَداً إِذَا أَعَادَ اللَّه مَا أَبْدَى وأَخَذَ مَا أَعْطَى وسَأَلَ عَمَّا أَسْدَى فَمَا أَقَلَّ مَنْ قَبِلَهَا وحَمَلَهَا حَقَّ حَمْلِهَا أُولَئِكَ الأَقَلُّونَ عَدَداً وهُمْ أَهْلُ صِفَةِ اللَّه سُبْحَانَه إِذْ يَقُولُ {وقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ} فَأَهْطِعُوا بِأَسْمَاعِكُمْ إِلَيْهَا وأَلِظُّوا بِجِدِّكُمْ عَلَيْهَا واعْتَاضُوهَا مِنْ كُلِّ سَلَفٍ خَلَفاً ومِنْ كُلِّ مُخَالِفٍ مُوَافِقاً أَيْقِظُوا بِهَا نَوْمَكُمْ واقْطَعُوا بِهَا يَوْمَكُمْ وأَشْعِرُوهَا قُلُوبَكُمْ وارْحَضُوا بِهَا ذُنُوبَكُمْ ودَاوُوا بِهَا الأَسْقَامَ وبَادِرُوا بِهَا الْحِمَامَ واعْتَبِرُوا بِمَنْ أَضَاعَهَا ولَا يَعْتَبِرَنَّ بِكُمْ مَنْ أَطَاعَهَا أَلَا فَصُونُوهَا وتَصَوَّنُوا بِهَا وكُونُوا عَنِ الدُّنْيَا نُزَّاهاً وإِلَى الآخِرَةِ وُلَّاهاً ولَا تَضَعُوا مَنْ رَفَعَتْه التَّقْوَى ولَا تَرْفَعُوا مَنْ رَفَعَتْه الدُّنْيَا ولَا تَشِيمُوا بَارِقَهَا ولَا تَسْمَعُوا نَاطِقَهَا ولَا تُجِيبُوا نَاعِقَهَا ولَا تَسْتَضِيئُوا بِإِشْرَاقِهَا ولَا تُفْتَنُوا بِأَعْلَاقِهَا فَإِنَّ بَرْقَهَا خَالِبٌ ونُطْقَهَا