نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 288 - الجزء 1

  والْجَاهِلِيَّةِ حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَه الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ واسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَّةُ مِنْه فِيكُمْ فَنَجَمَتِ الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الأَمْرِ الْجَلِيِّ اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُه عَلَيْكُمْ ودَلَفَ بِجُنُودِه نَحْوَكُمْ فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ وأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ وأَوْطَئُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ وحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ودَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ وقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ وسَوْقاً بِخَزَائِمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ الْمُعَدَّةِ لَكُمْ فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً وأَوْرَى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ وعَلَيْهِمْ مُتَأَلِّبِينَ فَاجْعَلُوا عَلَيْه حَدَّكُمْ ولَه جِدَّكُمْ فَلَعَمْرُ اللَّه لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ ووَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ ودَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ وأَجْلَبَ بِخَيْلِه عَلَيْكُمْ وقَصَدَ بِرَجِلِه سَبِيلَكُمْ يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ ويَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ لَا تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ ولَا تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ وحَلْقَةِ ضِيقٍ وعَرْصَةِ مَوْتٍ وجَوْلَةِ بَلَاءٍ فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ وأَحْقَادِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ ونَخَوَاتِه ونَزَغَاتِه ونَفَثَاتِه واعْتَمِدُوا وَضْعَ التَّذَلُّلِ عَلَى رُءُوسِكُمْ وإِلْقَاءَ التَّعَزُّزِ تَحْتَ أَقْدَامِكُمْ وخَلْعَ التَّكَبُّرِ مِنْ أَعْنَاقِكُمْ واتَّخِذُوا التَّوَاضُعَ مَسْلَحَةً بَيْنَكُمْ وبَيْنَ عَدُوِّكُمْ إِبْلِيسَ