نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 302 - الجزء 1

  بِعُرُوقِهَا وجَاءَتْ ولَهَا دَوِيٌّ شَدِيدٌ وقَصْفٌ كَقَصْفِ أَجْنِحَةِ الطَّيْرِ حَتَّى وَقَفَتْ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّه ÷ مُرَفْرِفَةً وأَلْقَتْ بِغُصْنِهَا الأَعْلَى عَلَى رَسُولِ اللَّه ÷ وبِبَعْضِ أَغْصَانِهَا عَلَى مَنْكِبِي وكُنْتُ عَنْ يَمِينِه ÷ فَلَمَّا نَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى ذَلِكَ قَالُوا عُلُوّاً واسْتِكْبَاراً فَمُرْهَا فَلْيَأْتِكَ نِصْفُهَا ويَبْقَى نِصْفُهَا فَأَمَرَهَا بِذَلِكَ فَأَقْبَلَ إِلَيْه نِصْفُهَا كَأَعْجَبِ إِقْبَالٍ وأَشَدِّه دَوِيّاً فَكَادَتْ تَلْتَفُّ بِرَسُولِ اللَّه ÷ فَقَالُوا كُفْراً وعُتُوّاً فَمُرْ هَذَا النِّصْفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى نِصْفِه كَمَا كَانَ فَأَمَرَه ÷ فَرَجَعَ فَقُلْتُ أَنَا لَا إِلَه إِلَّا اللَّه إِنِّي أَوَّلُ مُؤْمِنٍ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّه وأَوَّلُ مَنْ أَقَرَّ بِأَنَّ الشَّجَرَةَ فَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى تَصْدِيقاً بِنُبُوَّتِكَ وإِجْلَالًا لِكَلِمَتِكَ فَقَالَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ بَلْ «ساحِرٌ كَذَّابٌ» عَجِيبُ السِّحْرِ خَفِيفٌ فِيه وهَلْ يُصَدِّقُكَ فِي أَمْرِكَ إِلَّا مِثْلُ هَذَا يَعْنُونَنِي وإِنِّي لَمِنْ قَوْمٍ لَا تَأْخُذُهُمْ فِي اللَّه لَوْمَةُ لَائِمٍ سِيمَاهُمْ سِيمَا الصِّدِّيقِينَ وكَلَامُهُمْ كَلَامُ الأَبْرَارِ عُمَّارُ اللَّيْلِ ومَنَارُ النَّهَارِ مُتَمَسِّكُونَ بِحَبْلِ الْقُرْآنِ يُحْيُونَ سُنَنَ اللَّه وسُنَنَ رَسُولِه لَا يَسْتَكْبِرُونَ ولَا يَعْلُونَ ولَا يَغُلُّونَ ولَا يُفْسِدُونَ قُلُوبُهُمْ فِي الْجِنَانِ وأَجْسَادُهُمْ فِي الْعَمَلِ!