نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

215 - ومن دعاء له # كان يدعو به كثيرا

صفحة 333 - الجزء 1

  التَّوَاصُفِ وأَضْيَقُهَا فِي التَّنَاصُفِ لَا يَجْرِي لأَحَدٍ إِلَّا جَرَى عَلَيْه ولَا يَجْرِي عَلَيْه إِلَّا جَرَى لَه ولَوْ كَانَ لأَحَدٍ أَنْ يَجْرِيَ لَه ولَا يَجْرِيَ عَلَيْه لَكَانَ ذَلِكَ خَالِصاً لِلَّه سُبْحَانَه دُونَ خَلْقِه لِقُدْرَتِه عَلَى عِبَادِه ولِعَدْلِه فِي كُلِّ مَا جَرَتْ عَلَيْه صُرُوفُ قَضَائِه ولَكِنَّه سُبْحَانَه جَعَلَ حَقَّه عَلَى الْعِبَادِ أَنْ يُطِيعُوه وجَعَلَ جَزَاءَهُمْ عَلَيْه مُضَاعَفَةَ الثَّوَابِ تَفَضُّلًا مِنْه وتَوَسُّعاً بِمَا هُوَ مِنَ الْمَزِيدِ أَهْلُه.

  حق الوالي وحق الرعية

  ثُمَّ جَعَلَ سُبْحَانَه مِنْ حُقُوقِه حُقُوقاً افْتَرَضَهَا لِبَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ فَجَعَلَهَا تَتَكَافَأُ فِي وُجُوهِهَا ويُوجِبُ بَعْضُهَا بَعْضاً ولَا يُسْتَوْجَبُ بَعْضُهَا إِلَّا بِبَعْضٍ. وأَعْظَمُ مَا افْتَرَضَ سُبْحَانَه مِنْ تِلْكَ الْحُقُوقِ حَقُّ الْوَالِي عَلَى الرَّعِيَّةِ وحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْوَالِي فَرِيضَةٌ فَرَضَهَا اللَّه سُبْحَانَه لِكُلٍّ عَلَى كُلٍّ فَجَعَلَهَا نِظَاماً لأُلْفَتِهِمْ وعِزّاً لِدِينِهِمْ فَلَيْسَتْ تَصْلُحُ الرَّعِيَّةُ إِلَّا بِصَلَاحِ الْوُلَاةِ ولَا تَصْلُحُ الْوُلَاةُ إِلَّا بِاسْتِقَامَةِ الرَّعِيَّةِ فَإِذَا أَدَّتْ الرَّعِيَّةُ إِلَى الْوَالِي حَقَّه وأَدَّى الْوَالِي إِلَيْهَا حَقَّهَا عَزَّ الْحَقُّ بَيْنَهُمْ وقَامَتْ مَنَاهِجُ الدِّينِ واعْتَدَلَتْ مَعَالِمُ الْعَدْلِ وجَرَتْ عَلَى أَذْلَالِهَا السُّنَنُ فَصَلَحَ بِذَلِكَ الزَّمَانُ وطُمِعَ فِي بَقَاءِ الدَّوْلَةِ ويَئِسَتْ مَطَامِعُ الأَعْدَاءِ. وإِذَا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ وَالِيَهَا أَوْ أَجْحَفَ الْوَالِي بِرَعِيَّتِه اخْتَلَفَتْ هُنَالِكَ