نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

221 - ومن كلام له # قاله بعد تلاوته {ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر}

صفحة 341 - الجزء 1

  وشَحَاحَةً بِلَهْوِه ولَعِبِه فَبَيْنَا هُوَ يَضْحَكُ إِلَى الدُّنْيَا وتَضْحَكُ إِلَيْه فِي ظِلِّ عَيْشٍ غَفُولٍ إِذْ وَطِئَ الدَّهْرُ بِه حَسَكَه ونَقَضَتِ الأَيَّامُ قُوَاه ونَظَرَتْ إِلَيْه الْحُتُوفُ مِنْ كَثَبٍ فَخَالَطَه بَثٌّ لَا يَعْرِفُه ونَجِيُّ هَمٍّ مَا كَانَ يَجِدُه وتَوَلَّدَتْ فِيه فَتَرَاتُ عِلَلٍ آنَسَ مَا كَانَ بِصِحَّتِه فَفَزِعَ إِلَى مَا كَانَ عَوَّدَه الأَطِبَّاءُ مِنْ تَسْكِينِ الْحَارِّ بِالْقَارِّ وتَحْرِيكِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ فَلَمْ يُطْفِئْ بِبَارِدٍ إِلَّا ثَوَّرَ حَرَارَةً ولَا حَرَّكَ بِحَارٍّ إِلَّا هَيَّجَ بُرُودَةً ولَا اعْتَدَلَ بِمُمَازِجٍ لِتِلْكَ الطَّبَائِعِ إِلَّا أَمَدَّ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ دَاءٍ حَتَّى فَتَرَ مُعَلِّلُه وذَهَلَ مُمَرِّضُه وتَعَايَا أَهْلُه بِصِفَةِ دَائِه وخَرِسُوا عَنْ جَوَابِ السَّاِئِلينَ عَنْه وتَنَازَعُوا دُونَه شَجِيَّ خَبَرٍ يَكْتُمُونَه فَقَائِلٌ يَقُولُ هُوَ لِمَا بِه ومُمَنٍّ لَهُمْ إِيَابَ عَافِيَتِه ومُصَبِّرٌ لَهُمْ عَلَى فَقْدِه يُذَكِّرُهُمْ أُسَى الْمَاضِينَ مِنْ قَبْلِه فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ عَلَى جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْيَا وتَرْكِ الأَحِبَّةِ إِذْ عَرَضَ لَه عَارِضٌ مِنْ غُصَصِه فَتَحَيَّرَتْ نَوَافِذُ فِطْنَتِه ويَبِسَتْ رُطُوبَةُ لِسَانِه فَكَمْ مِنْ مُهِمٍّ مِنْ جَوَابِه عَرَفَه فَعَيَّ عَنْ رَدِّه ودُعَاءٍ مُؤْلِمٍ بِقَلْبِه سَمِعَه فَتَصَامَّ عَنْه مِنْ كَبِيرٍ كَانَ يُعَظِّمُه أَوْ صَغِيرٍ كَانَ يَرْحَمُه وإِنَّ لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى عُقُولِ أَهْلِ الدُّنْيَا.