نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

223 - ومن كلام له # قاله عند تلاوته: {يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم}.

صفحة 345 - الجزء 1

  مُقِيمٌ وفِي سَعَةِ فَضْلِه مُتَقَلِّبٌ فَلَمْ يَمْنَعْكَ فَضْلَه ولَمْ يَهْتِكْ عَنْكَ سِتْرَه بَلْ لَمْ تَخْلُ مِنْ لُطْفِه مَطْرَفَ عَيْنٍ فِي نِعْمَةٍ يُحْدِثُهَا لَكَ أَوْ سَيِّئَةٍ يَسْتُرُهَا عَلَيْكَ أَوْ بَلِيَّةٍ يَصْرِفُهَا عَنْكَ فَمَا ظَنُّكَ بِه لَوْ أَطَعْتَه وايْمُ اللَّه لَوْ أَنَّ هَذِه الصِّفَةَ كَانَتْ فِي مُتَّفِقَيْنِ فِي الْقُوَّةِ مُتَوَازِيَيْنِ فِي الْقُدْرَةِ لَكُنْتَ أَوَّلَ حَاكِمٍ عَلَى نَفْسِكَ بِذَمِيمِ الأَخْلَاقِ ومَسَاوِئِ الأَعْمَالِ وحَقّاً أَقُولُ مَا الدُّنْيَا غَرَّتْكَ ولَكِنْ بِهَا اغْتَرَرْتَ ولَقَدْ كَاشَفَتْكَ الْعِظَاتِ وآذَنَتْكَ عَلَى سَوَاءٍ ولَهِيَ بِمَا تَعِدُكَ مِنْ نُزُولِ الْبَلَاءِ بِجِسْمِكَ والنَّقْصِ فِي قُوَّتِكَ أَصْدَقُ وأَوْفَى مِنْ أَنْ تَكْذِبَكَ أَوْ تَغُرَّكَ ولَرُبَّ نَاصِحٍ لَهَا عِنْدَكَ مُتَّهَمٌ وصَادِقٍ مِنْ خَبَرِهَا مُكَذَّبٌ ولَئِنْ تَعَرَّفْتَهَا فِي الدِّيَارِ الْخَاوِيَةِ والرُّبُوعِ الْخَالِيَةِ لَتَجِدَنَّهَا مِنْ حُسْنِ تَذْكِيرِكَ وبَلَاغِ مَوْعِظَتِكَ بِمَحَلَّةِ الشَّفِيقِ عَلَيْكَ والشَّحِيحِ بِكَ ولَنِعْمَ دَارُ مَنْ لَمْ يَرْضَ بِهَا دَاراً ومَحَلُّ مَنْ لَمْ يُوَطِّنْهَا مَحَلاًّ وإِنَّ السُّعَدَاءَ بِالدُّنْيَا غَداً هُمُ الْهَارِبُونَ مِنْهَا الْيَوْمَ.

  إِذَا رَجَفَتِ الرَّاجِفَةُ وحَقَّتْ بِجَلَائِلِهَا الْقِيَامَةُ ولَحِقَ بِكُلِّ مَنْسَكٍ أَهْلُه وبِكُلِّ مَعْبُودٍ عَبَدَتُه وبِكُلِّ مُطَاعٍ أَهْلُ طَاعَتِه فَلَمْ يُجْزَ فِي عَدْلِه وقِسْطِه يَوْمَئِذٍ خَرْقُ بَصَرٍ فِي الْهَوَاءِ ولَا هَمْسُ قَدَمٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا بِحَقِّه فَكَمْ حُجَّةٍ يَوْمَ ذَاكَ دَاحِضَةٌ وعَلَائِقِ عُذْرٍ مُنْقَطِعَةٌ!