نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

2 - ومن كتاب له # إليهم بعد فتح البصرة

صفحة 365 - الجزء 1

  ودَارَ الآخِرَةِ. أَمَا إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ أَتَيْتَنِي عِنْدَ شِرَائِكَ مَا اشْتَرَيْتَ لَكَتَبْتُ لَكَ كِتَاباً عَلَى هَذِه النُّسْخَةِ فَلَمْ تَرْغَبْ فِي شِرَاءِ هَذِه الدَّارِ بِدِرْهَمٍ فَمَا فَوْقُ.

  والنُّسْخَةُ هَذِه هَذَا مَا اشْتَرَى عَبْدٌ ذَلِيلٌ مِنْ مَيِّتٍ قَدْ أُزْعِجَ لِلرَّحِيلِ اشْتَرَى مِنْه دَاراً مِنْ دَارِ الْغُرُورِ مِنْ جَانِبِ الْفَانِينَ وخِطَّةِ الْهَالِكِينَ وتَجْمَعُ هَذِه الدَّارَ حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ الْحَدُّ الأَوَّلُ يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الآفَاتِ والْحَدُّ الثَّانِي يَنْتَهِي إِلَى دَوَاعِي الْمُصِيبَاتِ والْحَدُّ الثَّالِثُ يَنْتَهِي إِلَى الْهَوَى الْمُرْدِي والْحَدُّ الرَّابِعُ يَنْتَهِي إِلَى الشَّيْطَانِ الْمُغْوِي وفِيه يُشْرَعُ بَابُ هَذِه الدَّارِ اشْتَرَى هَذَا الْمُغْتَرُّ بِالأَمَلِ مِنْ هَذَا الْمُزْعَجِ بِالأَجَلِ هَذِه الدَّارَ بِالْخُرُوجِ مِنْ عِزِّ الْقَنَاعَةِ والدُّخُولِ فِي ذُلِّ الطَّلَبِ والضَّرَاعَةِ فَمَا أَدْرَكَ هَذَا الْمُشْتَرِي فِيمَا اشْتَرَى مِنْه مِنْ دَرَكٍ فَعَلَى مُبَلْبِلِ أَجْسَامِ الْمُلُوكِ وسَالِبِ نُفُوسِ الْجَبَابِرَةِ ومُزِيلِ مُلْكِ الْفَرَاعِنَةِ مِثْلِ كِسْرَى وقَيْصَرَ وتُبَّعٍ وحِمْيَرَ ومَنْ جَمَعَ الْمَالَ عَلَى الْمَالِ فَأَكْثَرَ ومَنْ بَنَى وشَيَّدَ وزَخْرَفَ ونَجَّدَ وادَّخَرَ واعْتَقَدَ ونَظَرَ بِزَعْمِه لِلْوَلَدِ إِشْخَاصُهُمْ جَمِيعاً إِلَى مَوْقِفِ الْعَرْضِ والْحِسَابِ ومَوْضِعِ الثَّوَابِ والْعِقَابِ إِذَا وَقَعَ الأَمْرُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ {وخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ} شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْلُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَسْرِ الْهَوَى وسَلِمَ مِنْ عَلَائِقِ الدُّنْيَا.»