نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

31 - ومن وصية له # للحسن بن علي # كتبها إليه بحاضرين عند انصرافه من صفين:

صفحة 404 - الجزء 1

  ظُلْمُ مَنْ ظَلَمَكَ فَإِنَّه يَسْعَى فِي مَضَرَّتِه ونَفْعِكَ ولَيْسَ جَزَاءُ مَنْ سَرَّكَ أَنْ تَسُوءَه.

  واعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّ الرِّزْقَ رِزْقَانِ رِزْقٌ تَطْلُبُه ورِزْقٌ يَطْلُبُكَ فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَأْتِه أَتَاكَ مَا أَقْبَحَ الْخُضُوعَ عِنْدَ الْحَاجَةِ والْجَفَاءَ عِنْدَ الْغِنَى إِنَّمَا لَكَ مِنْ دُنْيَاكَ مَا أَصْلَحْتَ بِه مَثْوَاكَ وإِنْ كُنْتَ جَازِعاً عَلَى مَا تَفَلَّتَ مِنْ يَدَيْكَ فَاجْزَعْ عَلَى كُلِّ مَا لَمْ يَصِلْ إِلَيْكَ اسْتَدِلَّ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ بِمَا قَدْ كَانَ فَإِنَّ الأُمُورَ أَشْبَاه ولَا تَكُونَنَّ مِمَّنْ لَا تَنْفَعُه الْعِظَةُ إِلَّا إِذَا بَالَغْتَ فِي إِيلَامِه فَإِنَّ الْعَاقِلَ يَتَّعِظُ بِالآدَابِ والْبَهَائِمَ لَا تَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْبِ. اطْرَحْ عَنْكَ وَارِدَاتِ الْهُمُومِ بِعَزَائِمِ الصَّبْرِ وحُسْنِ الْيَقِينِ مَنْ تَرَكَ الْقَصْدَ جَارَ والصَّاحِبُ مُنَاسِبٌ والصَّدِيقُ مَنْ صَدَقَ غَيْبُه والْهَوَى شَرِيكُ الْعَمَى ورُبَّ بَعِيدٍ أَقْرَبُ مِنْ قَرِيبٍ وقَرِيبٍ أَبْعَدُ مِنْ بَعِيدٍ والْغَرِيبُ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَه حَبِيبٌ مَنْ تَعَدَّى الْحَقَّ ضَاقَ مَذْهَبُه ومَنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَدْرِه كَانَ أَبْقَى لَه وأَوْثَقُ سَبَبٍ أَخَذْتَ بِه سَبَبٌ بَيْنَكَ وبَيْنَ اللَّه سُبْحَانَه ومَنْ لَمْ يُبَالِكَ فَهُوَ عَدُوُّكَ قَدْ يَكُونُ الْيَأْسُ إِدْرَاكاً إِذَا كَانَ الطَّمَعُ هَلَاكاً لَيْسَ كُلُّ عَوْرَةٍ تَظْهَرُ ولَا كُلُّ فُرْصَةٍ تُصَابُ ورُبَّمَا أَخْطَأَ الْبَصِيرُ قَصْدَه وأَصَابَ الأَعْمَى رُشْدَه أَخِّرِ الشَّرَّ فَإِنَّكَ إِذَا شِئْتَ تَعَجَّلْتَه وقَطِيعَةُ الْجَاهِلِ تَعْدِلُ صِلَةَ