نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

31 - ومن كلام له # لما أنفذ عبد الله بن عباس - إلى الزبير يستفيئه إلى طاعته قبل حرب الجمل

صفحة 75 - الجزء 1

  لِسَيْفِه والْمُعْلِنُ بِشَرِّه والْمُجْلِبُ بِخَيْلِه ورَجِلِه قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَه وأَوْبَقَ دِينَه لِحُطَامٍ يَنْتَهِزُه أَوْ مِقْنَبٍ يَقُودُه أَوْ مِنْبَرٍ يَفْرَعُه ولَبِئْسَ الْمَتْجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً ومِمَّا لَكَ عِنْدَ اللَّه عِوَضاً ومِنْهُمْ مَنْ يَطْلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الآخِرَةِ ولَا يَطْلُبُ الآخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا قَدْ طَامَنَ مِنْ شَخْصِه وقَارَبَ مِنْ خَطْوِه وشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِه وزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِه لِلأَمَانَةِ واتَّخَذَ سِتْرَ اللَّه ذَرِيعَةً إِلَى الْمَعْصِيَةِ ومِنْهُمْ مَنْ أَبْعَدَه عَنْ طَلَبِ الْمُلْكِ ضُئُولَةُ نَفْسِه وانْقِطَاعُ سَبَبِه فَقَصَرَتْه الْحَالُ عَلَى حَالِه فَتَحَلَّى بِاسْمِ الْقَنَاعَةِ وتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ ولَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَرَاحٍ ولَا مَغْدًى.

  الراغبون في اللَّه

  وبَقِيَ رِجَالٌ غَضَّ أَبْصَارَهُمْ ذِكْرُ الْمَرْجِعِ وأَرَاقَ دُمُوعَهُمْ خَوْفُ الْمَحْشَرِ فَهُمْ بَيْنَ شَرِيدٍ نَادٍّ وخَائِفٍ مَقْمُوعٍ وسَاكِتٍ مَكْعُومٍ ودَاعٍ مُخْلِصٍ وثَكْلَانَ مُوجَعٍ قَدْ أَخْمَلَتْهُمُ التَّقِيَّةُ وشَمِلَتْهُمُ الذِّلَّةُ فَهُمْ فِي بَحْرٍ أُجَاجٍ أَفْوَاهُهُمْ ضَامِزَةٌ وقُلُوبُهُمْ قَرِحَةٌ قَدْ وَعَظُوا حَتَّى مَلُّوا وقُهِرُوا حَتَّى ذَلُّوا وقُتِلُوا حَتَّى قَلُّوا.