[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
  والمجادلات والواعظات والمطربات والملهيات والمجذلات والمغريات والمغرمات، وبه النميمة والغيبة والتهدد والأمر والنهي، وبه يقع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد قال قائلهم: رُبَّ قولٍ أنفذُ من صول، وسُمِّي الكلامُ كلاماً لأنه يَكْلِمُ القلوبَ، أي يجرحها، ورُبَّتَ كلمة بَنَتْ مجداً أثيلاً، ورُبَّتَ كلمة أوْرَثَتْ ذُلّاً طويلاً، ولا إنسان إلا اللسان، هو أطيبُ شيء إذا طاب، وأخبث شيء إذا خبُث.
  قوله #: أَلَا وَإِنَّ كَلَامَ الْعَبْدِ كُلَّهُ عَلَيْهِ، إِلَّا ذِكْراً للهِ، أَوْ أَمْراً بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهْياً عَنْ مُنْكَرٍ، أَوْ إِصْلَاحاً بَيْنَ مُؤْمِنِينَ.
  قد تقدم الكلام في تسمية الكلام، ولِمَ سُمِّي العبدُ عبداً بما فيه كفاية، و (كُلُّ) من ألفاظ العموم، وما على الإنسان نقيضُ ما يكون له.
[الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]
  والأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر من مُهمَّات أصول الدين، ولهما شروطٌ معلومةٌ في كتب الأصول، والنهيُ عن المنكر وجهٌ واحدٌ وهو الوجوب، وهما مأخوذان من المعرفة والإنكار، فالمعروف ما تَعْرف القلوبُ حُسْنَه وزيادَتَه على الحسن فتسكن إليه، والمنكر ما تُنْكِرُه القلوبُ فتقضي بقبحه وتنفر عنه، وللمعروف وجهان وجوب وندب، والْمُراعَى في ذلك الدليلُ، والإصلاحُ بين المؤمنين نقيضُ الإغراء والإفساد، وخَصَّ المؤمنين بذلك لأنهم الذين يتعلق بفساد أمرهم إفساد الدين؛ لأنَّ المجرمين ربما يكون هلاكهما وفَلُّ شوكتهما سبباً لقوة الإسلام، كما كان في حرب بكر وتغْلِب، وهوازن وغطفان، وغيرهم من القبائل العاتية قبل النبوة شرفها الله؛ إرهاصاً لها، وتوطيداً لأسبابها، وتقوية لأواخيها، حتى جاءت النبوة شرفها الله، ولم يبقَ من جيش الكفر إلَّا فَلُّه(١)، ومن وَبْلِ الضلال إلَّا طَلّه، وقد تقدَّم الكلامُ في معنى الإيمان ولِمَ سُمِّي المؤمنُ مؤمناً.
  المَعْنَى: ابتدأ بذكر الله تعالى لأنَّ به تطمئن القلوب، ويُرْحَض درنُ الذنوب، وهو أساس الإيمان وقاعدته، ومعنى ذكر الله تعالى معرفته بالقلب، وإظهار ذلك باللسان، لا يكون ذكراً حتى
(١) قومٌ فَلٌّ: مُنْهزِمونَ، ج: فُلولٌ وأفْلالٌ، وسَيْفٌ فَليلٌ ومَفْلولٌ وأفَلُّ ومُنْفَلٌّ: مُنْثَلِمٌ، (القاموس ١٠٤٤).