الحديث العاشر
  إذ هو القاهر فوق عباده وهو القادر لذاته.
  وقول الدنيا: (لَعَنَ اللهُ أَعْصَانَا لِرَبِّهِ) معناه أبْعَدَ اللهُ أعصانا لربِّهِ، قولُ لسانِ الحال لا لسان المقال، وعلى أنه لو كان لها عقلٌ ولسانٌ لقالتْ ذلك، وقد قال الشاعر:
  وقَالَتْ لَهُ الْعَيْنانِ: سَمْعاً وَطاعَةً ... وَحَدَّرَتَا كَالدُّرِ لَمَّا يُثَقَّب
  ومثله كثيرٌ، ولا يصح في التأويل غير ذلك، وقد أوضح السيد الشريف تأويلنا هذا بما ذكر من البيت المأخوذ من معنى الخبر الشريف، وهو قول بعضهم:
  يَقُولُونَ الزَّمَانُ بِهِ فَسَادٌ ... وَهُمْ فَسَدُوا وَمَا فَسَدَ الزَّمَانُ
  ألا ترى أنهم حملوا ذنوبهم على زمانهم إفكاً وبهتاناً، وزوراً وحسباناً، فأحال الشاعر الحكيمُ الذنبَ عليهم لأنهم الفاسدون دونه، إذ منهم المعصية والعدوان، والزور والطغيان، فأما الزمان فخيرُه اختبار، وشرُّه اعتبار، وهو ليل ونهار، وربح وخسار، وفوز ودمار، فمن تلقى الخير بالشكر والادكار، والشرَّ بالحمد والاصطبار فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور.