[الزهد]
  قوله #: وَلِكُلِّ عَمَلٍ جَزَاءٌ، وَكُلُّ آتٍ قَرِيبٌ.
  (كلُّ) من ألفاظ العموم؛ لأنه يقابل بالبعض، فلولا أنه يَعُمُّ لما جاز ذلك فيه. والعملُ هو عمل القلب والجوارح، وهذه اللفظة تؤيد القول بالموازنة. والجزاءُ هو ما يُكافأ به العبد في مقابلة عمله، وقد قال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ٤٠ ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى ٤١}[النجم].
  والآتي نقيضُ الماضي. والقريبُ نقيض البعيد.
  المَعْنَى فِي ذَلكَ: أن العبد إذا علم بخبر الصادق الذي لا يجوز عليه الكذب في خبره وكلامه أنَّه يجازى على قليل عمله وكثيره، وكبيره وصغيره؛ كان ذلك لطفاً له في الاستكثار من الطاعات، والاحتراز من المقبَّحات، وإذا علم أنَّ الوعد والوعيد صادقان، وأنهما آتيان، والآتي قريب كما قال #، وكما يشترك في العلم به الخاصة والعامة، قال الشاعر:
  لَعَمْرُكُمَا إنَّ الْبَعِيدَ لَمَا مَضَى ... وَإِنَّ الَّذِي يَأْتِي غَداً لَقَرِيبُ
  فإذا كان ذلك كذلك، وعَلِمَ أنَّ الأمر في الوعيد عظيمٌ، وأنَّ الخَطْبَ في الموعود جسيمٌ، وخاف أحدَهما، ورجا الآخرَ كان أقرب إلى الاجتهاد في تحصيل ما رجا، والاجتهاد في الاحتراز مما خاف، فنسأل الله تعالى اجتهاداً نافعاً، وخوفاً دافعاً، والصلاة على النبي وآله.