حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث العشرون

صفحة 252 - الجزء 1

  والغفلة أصلها أن يَسِمَ الرجل إبله وينسى منها واحداً بلا نار، فيقال بعير غُفْل، ثم صار ذلك يفيد النسيان لكل شيء. وغَفْلتهم عن الاستعداد هو نسيان العُدَّة الحصينة، والجُنَّة الرصينة، وهي الأعمال الواقية الصالحة الباقية، فما استجنَّ المستجِنُّون من عذاب الله تعالى بمثلها، ولا استتر الصالحون بشكلها، وكيف لا تكون كذلك وهي لا تحيك فيها سيوف الانتقام، ولا تنفذ موارق السهام، ولا تخرقها الرماح، ومن لك بجُنَّةٍ دفعت مضرة العقاب، وأورثت طوبى وحسن مآب، فالموفَّق من استجنَّ بها، والمخذول من حَسَرَ عنها⁣(⁣١)، وبالصبر يُنال الخير كله، وباتباع الهوى ينقاد هُون العذاب وذُله.

  وهذا حين أتينا على الفراغ من شرح الجزء الأول من جزءين من حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية مع تراكم أشغالٍ أخذت بالأنفاس، وكادت تؤدي إلى الوَسواس، ولولا رجاء ثوابٍ يعود علينا، وأجرٍ يساق إلينا في هداية من يطلب الهداية من المؤمنين، وإرشاد من يتعرض للإرشاد من الصالحين؛ لَمَا تصدينا لهذا الشأن في مثل هذا الأوان، إذ التصنيف يفتقر إلى تفريغ الأذهان، والسهو والغفلة الغالبان على الإنسان، ومن الله سبحانه نستمد الهداية في البداية والنهاية، وأن يبلّغنا إلى ما نروم من تمامه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه لنكون من الذين أخلصوا له الدين، وعبدوه حتى أتاهم اليقين، والحمد لله رب العالمين، وسلامه على المرسلين، وصلواته على سيدنا محمد الأمين، وآله الأكرمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل⁣(⁣٢).


(١) حسر عنها: أي كشفها وخرج منها ولم يستجن بها، والحاسر: الذي بغير درع، والضمير يعود على الأعمال الصالحة، وتأتي حَسَرَ بمعنى تعب وأعيا.

(٢) قال في الأصل: يتلوه الجزء الثاني من حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية، تأليف مولانا ومالكنا الإمام الأجل المنصور بالله ø أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين أبي محمد عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي بن حمزة بن أبي هاشم الحسن بن عبدالرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب À أجمعين.

وقال في النسخة (أ): كان ذلك في يوم السبت المبارك سلخ شهر محرم الحرام من شهور سنة ١٠٨٢ من هجرته ÷.