حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الحادي والعشرون

صفحة 255 - الجزء 1

الحديث الحادي والعشرون

  عَنْ⁣(⁣١) عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ - قدْ تقدّم الكلام في نسَبِهِ وَطَرَفٍ مِنْ شَرْحِ حَالِهِ - قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ ÷: «كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتَى، وإِذَا أَصْبَحَتْ نَفْسُكَ فَلَا تُحَدِّثْهَا بِالْمَسَاءِ، وَإِذَا أَمْسَتْ فَلَا تُحَدِّثْهَا بِالصَّبَاحِ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، وَمِنْ شَبَابِكَ لِهَرَمِكَ، وَمِنْ فَرَاغِكَ لِشُغْلِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِوَفَاتِكَ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا اسْمُكَ غَداً»⁣(⁣٢).

  قوله ÷: كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ.

  قد تقدم الكلام في معنى لفظ الدنيا. والغريب نقيض الأهيل، وأصل الغريب البعيد الدار والأهل، ومنه سهمٌ غارِبٌ أي بعيد المرماة، عنقاءُ مُغْرِبٌ⁣(⁣٣) أي بعيدة لا توجد، والمعنى الغريب من ذلك أي البعيد الفهم، قال الشاعر:

  فَمَنْ يَكُ أمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ ... فَإنِّي وقَيَّارٌ بِها لَغَرِيبُ⁣(⁣٤)


(١) قال السيد الشريف: وحدثني شيخي أبو سعيد السيرافي قال حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا يحيى بن صالح قال حدثنا إسحاق بن يحيى الكلبي عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر ... الحديث.

(٢) الحديث رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٧٥) رقم (٣٤٣٠٤) والبخاري (٨/ ٨٩) رقم (٦٤١٦) والترمذي (٤/ ١٤٥) رقم (٢٣٣٣) وأبو نعيم في الحلية (٣/ ٣٠١) بلفظ: «.. وَعُدَّ نَفْسَكَ مِنْ أَهْلِ الْقُبُورِ» وبقية الحديث: «وإِذَا أَصْبَحَتْ نَفْسُكَ فَلَا تُحَدِّثْهَا بِالْمَسَاءِ، ... الخ» ينسبونه لابن عمر، وقد رواه عن رسول الله في حديث منفصل: أبو نعيم في الحلية (١/ ٣١٢) أما الجزء الأول من الحديث فقد رواه أحمد في مسنده (٨/ ٣٨٣) رقم (٤٧٦٤) وابن ماجه (٢/ ١٣٧٨) رقم (٤١١٤) والبيهقي في شعب الإيمان (١٢/ ٤٧٤) رقم (٩٧٦٥) وابن حبان في صحيحه، والقضاعي في مسند الشهاب، وبتمامه: رواه ابن عساكر (٣٤/ ٣٩٨) والروياني في مسنده (٢/ ٤١٣) رقم (١٤١٨) وعبد الجبار الخولاني في تاريخه (ص ٩٧) ا. هـ.

(٣) العَنْقَاء المُغْرِبُ: هُوَ طَائِرٌ عَظِيمٌ مَعْرُوفُ الاسْمِ مَجهولُ الجِسْم لَمْ يَره أحَدٌ. والعَنْقَاء: الدَّاهِية. ا. هـ (النهاية: ٣/ ٣١٢).

(٤) هكذا في الأصل: فَمَنْ يَكُ أَمْسَى، وباقي النسخ بلفظ: وَمَنْ يَكُ أَضْحَى.

والبيت لضابِئِ بنِ الحارِثِ البُرْجُمِيُّ، وَقَيَّارٌ: اسْمٌ لِفَرَسِهِ أَوْ لِجَمَلِهِ، وهو ضَابِئُ بنُ الحارِثِ بنِ أَرْطاةَ التَّمِيمِي الْبُرْجُمِي (ت نحو ٣٠ هـ) شاعر، خبيث اللسان، كثير الشر، عرف في الجاهلية، وأدرك الإسلام، فعاش بالمدينة إلى أيام عثمان، وكان مولعا بالصيد، ... سجنه عثمان بن عفان لقتله صبياً بدابته، ... ولما انطلق هجا قوماً =