حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الثالث والعشرون

صفحة 271 - الجزء 1

الحديث الثالث والعشرون

  عَنْ⁣(⁣١) أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِي، قد تقدم الكلام في نسبه وشرح طرفٍ من حاله، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ÷ يَقُولُ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ أُحُدٍ وَالنَّاسُ مُحْدِقُونَ بِهِ، وَقَدْ أُسْنِدَ إِلَى طَلْحَة، وهو: طَلْحَةُ بنُ عُبَيدِ الله بنِ عُثْمَانَ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ لُؤَيّ بنِ غَالِبٍ.

  أُحُدٌ: أشهر لَقْيَةٍ كانت بين رسول الله ÷ وبين مشركي قريش، وفيه وقع التمحيصُ على رسول الله ÷ وأصحابه، وقتل فيه الأخيار والأفاضل، وروي عن علي # أنه قال: قال رسول الله ÷: «لَا نَقِفُ مَعَهُمْ مَوْقِفاً أَغْيَظَ لَنَا مِنْ هَذَا» فكان كما قال.

  وفيه قُتِلَتْ بنو عبد الدار على لواء قريش، وهم حَمَلَتُه في الجاهلية، ولم يكن مع رسول الله ÷ منهم إلا مصعب بن عمير ¥، فكان رسول الله ÷ يعطي اللواء مصعباً في كل موقف إلى أن قتل يوم أحد، فأعطاه رسول الله ÷ علي بن أبي طالب #، فكان صاحبه في كل زحف، وهو حامله في الآخرة بين يدي رسول الله ÷.

  والإحداق به هو الإحاطة، وهو مأخوذٌ من حدقة العين لإحاطتها، وإنما طلحة هاهنا طلحة بن عبيد الله رحمة الله عليه، وهو أبلى يوم أحد بلاءً عظيماً، وقطعت أُصبعه، ففي الحديث سبقته إلى الجنة، وفي الحديث: «لَوْلَا أنَّ طَلْحَةَ قَالَ: حَسّ؛ لَرُفِعَ كَمَا رُفِعَ عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ» وفي أخرى: «لَطَارَ مَعَ الْمَلَائِكَة»، وعلي وسِماكٌ في آخرين⁣(⁣٢)، وكان الشجاع من وقف إزاء رسول الله ÷،


(١) قال السيد الشريف: وحدثنا أبو الحسين محمد بن علي بن حبيش الناقد عن أبيه قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا يزيد بن مردانبة قال حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري ... الحديث.

(٢) أي ممن ثبت وأبلى يوم أحد ... أبو دُجانَةَ واسمه: سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ الْأنْصاري الساعِدِي، ويقال: سِمَاكُ بنُ أوْسِ بنِ خَرَشَةَ، شَهِدَ بَدْراً مع رسولِ الله ÷، وكَان بُهْمَةً مِنَ الْبُهَمِ الأبطال، دافع عن رسول الله ÷ يومَ أُحُدٍ فكثرت فيه الجراحة، وشارك في قتل مسيلمة الكذاب، وقتل يوم اليمامة، وقد قيل إنه عاش حتَّى شَهِدَ مع علي بن أبي طالب # صِفِّينَ، والله أعلم، (انظر الاستيعاب لابن عبد البَّر ٢/ ٦٥٢).

=