حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الثلاثون

صفحة 317 - الجزء 1

الحديث الثلاثون

  عَنْ⁣(⁣١) أَنَسِ بْنِ مَالكٍ، قد تقدم الكلام في نسبه وذكر طرف من حاله، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ ÷: «إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ أَنْ تُرْضِي النَّاسَ بِسَخَطِ اللهِ، وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللهِ، وَأَنْ تَذُمَّهُمْ عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللهُ، إِنَّ رِزْقَ اللهِ لَا يَجُرُّهُ حِرْصُ حَرِيصٍ، وَلَا يَرُدُّهُ كَرَاهَةُ كَارِهٍ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ بِحُكْمِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالفَرَجَ فِي الرِّضَى وَالْيَقِينِ، وَجَعَلَ الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِ وَالسَّخَطِ، إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئاً اتِّقَاءً للهِ إِلَّا آتَاكَ اللهُ خَيْراً مِنْهُ، وَلَنْ تَأْتِي شَيْئاً تَقَرُّباً إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ إِلَّا أَجْزَلَ لَكَ الثَّوَابَ عَنْهُ، فَاجْعَلْ هَمَّكَ وَسَعْيَكَ لآخِرَةٍ لَا يَنْفَدُ فِيهَا ثَوَابُ الْمَرْضِيِّ عَنْهُ، وَلَا يَنْقَطِعُ فِيهَا عِقَابُ الْمَسْخُوطِ عَلَيْهِ».

  (إنَّ) حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر. والضعف نقيض القوة. واليقين نقيض الشك. والرِّضَى نقيض الغضب. والسَّخَط نقيض الرِّضى. والحمد نقيض الذم. والرزق ما لك تناوُلُه وليس لأحدٍ منعك منه على بعض الوجوه، وأصله العطاء، لا فرق عندهم في الأصل بين أعطاه ورزقه، ثم صار في العرف العطاء عام والرزق خاص. والذم نقيض المدح. وآتاك وأعطاك واحدٌ. والله الذي تأْلَه إليه القلوب، أي تصغي إلى محبته.

  المَعْنَى فِي ذَلكَ: أنه ÷ أخبر - وهو الصادق في خبره - أنَّ مِنْ ضعف اليقين أن تُرضِي المخلوق بسخط الخالق، والمملوك بسخط المالك، ولا شك أن هذا وإن كان من ضعف اليقين، فهو من سوء التدبير، لأن الأولى أنْ ترضي المالك، لأنه الذي ينبغي أن يصطنع، وهو الذي إليه النفع والضر، إذ المملوك لا حكم له مع المالك، فإذا فعلنا هذا الحال، وأرضينا المخلوق بسخط الخالق كنا في حكم الشاكين في المالك الخالق، والشك فيه كفر، وكيف تُرضي من لا يَضُرُّ


(١) قال السيد الشريف: حدثنا أبو محمد عبد الله بن درستويه قال حدثنا محمد بن الحسن العبدي عن أبيه قال حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل المنقري قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا حميد وثابت جميعا عن أنس ابن مالك ... الحديث.