[موعظة بليغة في حقيقة الزهاد ونظرتهم إلى الدنيا]
  والذنب هو الفعل القبيح، أو ترك الواجب.
  المَعْنَى فِي ذَلكَ: أن هذا الطبق أرذل طبقات العباد، وأقربهم من الضلال والعناد، وإنما كان ذلك لأنهم أحبوا جمع المال جُملةً، من حلٍّ وحرام، ومنعوه من فرض وواجب، ومعناهما واحد إلا أن الذي يتجه عندنا في الفرق، ويحمل عليه الكلام النبوي المفيد أنَّ الفرض هو المحدد من الزكوات والمعَيَّنات، والأخماس المحددات. والواجب ما يوجبه سبب متجدِّد، كالإنفاق في سبيل الله، ونفقة الأقارب عند الافتقار، وقضاء الحاجة، وإباحة الماعون إلى غير ذلك. ثم أخبر # بأنهم إنْ أنفقوه أنفقوه إسرافاً وبداراً، وإن أمسكوه أمسكوه بخلاً واحتكاراً، فإنفاقهم عصيان، ومنعهم عدوان، فبيَّنَ # أنهم الذين مَلكَت الدنيا زمام قلوبهم، فلم ينصرفوا عن مرادها، ولا سلكوا غير سبيلها، ولم يزل ذلك دأبهم حتى وردوا النار، وبئس الورد المورود بذنوبهم؛ لا بأمرٍ آخَرَ غير ذلك، فانظر رحمك الله لنفسك هل في سبيل هؤلاء مصلحة لك تسلكها؟! أم هي مهواةٌ مَهْلَكةٌ فتترُكها؟! ولا تُمَلِّكِ الدنيا الدنية زمامك، فإنَّ الخير الدائم أمامك، فبادر حِمامك ولا تَفْجُر أمامك، واتَّعظ فقد كثرت المواعظ والعبر، وكن من الدنيا على حذر، جعلنا والله وإياكم من الرافضين لها تحرجاً، الطالبين منها مخرجاً، والصلاة على النبي وآله.
= (أوردهَا سعد وَسعد مُشْتَمل ... مَا هَكَذَا تورد يَا سعد الْإِبِل)، أَرَادَ أَنه قَصَّرَ وَلم يسْتَقْصِ كتَقْصِيرِ صَاحب الْإِبِل فِي تَركهَا واشتماله ولومه، ثمَّ فرق بَينهم وسألهم وَاحِدًا وَاحِدًا فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، فَلم يزل يبْحَث حَتَّى أقرُّوا؛ فَقَتلهُمْ، وَذَلِكَ أول مَا فرق بَين الْخُصُوم، انتهى من جمهرة الأمثال (١/ ٩٣).