حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام في الرزق]

صفحة 319 - الجزء 1

[كلام في الرزق]

  والرزق من قِبَلِه تعالى نوعان: مشروط، وغير مشروط. فالمشروط ذوات الأسباب الاعتيادية كالزرائع والصنائع والتجارات والإثارات⁣(⁣١) وما شاكل ذلك من أنواع الاكتساب. وغير المشروط هو الحاصل من الصدقات والهدايا والمنح والعطايا، والجميع من ذلك لا ينال العبد فيه - حَرِصَ أو لم يَحْرُصْ - إلَّا ما قَدَّر له الحكيم سبحانه؛ لأنَّ الأسباب قد تستوي، وتختلف الأرزاق، رأينا ذلك عياناً، وعرفته العقلاء، وقام به الدليل، ولا تأثير لكراهة الكارهين في ذلك؛ إذْ فعل الغير لا ينتفي بحسب كراهتنا وصارفنا، ولا يحصل بحسب قصدنا ودواعينا⁣(⁣٢)، ولذلك فرَّقنا بين فعلنا وبين فعل غيرنا⁣(⁣٣)، فتأمل ذلك تجده.

  وأقلل الحرص، وأجمل في الطلب، واجعل شغلك لطلب ما عند الله سبحانه من النعيم الدائم، والخير الباقي الجزيل.

  قوله #: إِنَّ الله تَبَارَكَ اسْمُهُ بِحُكْمِهِ جَعَلَ الرَّوْحَ وَالفَرَجَ فِي الرِّضَى وَالْيَقِينِ، وَجَعَل الْهَمَّ وَالْحَزَنَ فِي الشَّكِ وَالسَّخَطِ.

  معنى تبارك: دام وبقي. والاسم هو الْمُبَيِّنُ عن مسماه. والحُكْم والحِكمة معناه واحد، وهو الانتهاء في العلم والمعرفة، وهو الذي يمنع من الاقتحام في المهالك، ومنه حَكَمَةُ الدابة. والرَّوح السعة والدعة. والفَرَجُ نقيض الشدة، وهو مأخوذ من الفُرَجِ في الباب والفُتَح فكأنَّ صاحب الشدة مغلق عليه بالأقفال، فتنفتح له الأبواب، فتتضح⁣(⁣٤) الفِجاج. والفَرَج هو الطريق والسبيل. والرضى قد تقدم. واليقين والهم والحزن والشك والسخط كذلك.


(١) الْمَعادِنُ والرِّكَازُ، وهي الكنوز العادية، تمت منقولة مما نقل من خطه #، هامش (أ).

(٢) في الأصل وفي نسخة أخرى: وداعينا.

(٣) في (أ) وفي نسخة أخرى: بين فعلنا وفعل غيرنا.

(٤) في الأصل: وتتضح، بالواو.