حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الأربعون

صفحة 398 - الجزء 1

  لك نعشاً كما رأيتُ في بلاد الحبشة لا يُنْظَرُ إليك، قالت: فأرينيه، فأرتها إياه، فطابت نفسها، فدفنها علي # ليلاً بالبقيع في قصة طويلة.

  وأصل رفرف رفَّ، والرفيف هو الحركة الليِّنة كما يصنع الطائر بجناحيه، وكرفيف أشفار العين، وغدت الراية تَرُفُّ. قد تقدم الكلام في الرُّوح. والأهل والولد معروف وهم نسل الإنسان وذريته. والنداء معروف وهو الصياح، أخذ من الإيصال والإبلاغ، ومنه النَّدَى أي العطاء يصل إلى المعطى.

  في الحديث في عبد الله بن زيد⁣(⁣١) لما أخبر رسولَ الله ÷ أنه رأى الأذان في المنام، فقال: «علِّمْه بلالاً فإنه أندى منك صوتاً»⁣(⁣٢) أي أطول، قال الشاعر:


= ومحمد بن أبي بكر. أخرج لها: المؤيد بالله، ومحمد، والأربعة. (لوامع الأنوار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # - ط ٣ - ج ٣/ ٢٩٣).

(١) هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْد بْنِ ثعلبة بْن عَبْد اللَّهِ بْن زيد، من بني جشم بن الحارث بن الخزرج الأَنْصَارِيّ الخزرجي الحارثي ... شهد العقبة، وشهد بدراً وسائر المشاهد مع رَسُول اللَّهِ ÷، ... يكنى أَبَا مُحَمَّد، وكانت معه راية بني الْحَارِث بْن الخزرج يَوْم الْفَتْح. توفي بالمدينة سنة ٣٢ هـ، وَهُوَ ابْن أربع وستين، وصلى عَلَيْهِ عُثْمَان. (انظر الاستيعاب ٣/ ٩١٢).

(٢) مسألة مشروعية الأذان عند أهل البيت جاءت عن طريق الوحي، كما ذكره الإمام الهادي # في الأحكام، حيث قال: والأذان فأصْلُهُ أنَّ رسول الله ÷ عُلِّمَهُ ليلةَ الإسراء، أرسل الله إليه ملكًا فعلمه إيّاه. فأما ما يقول به الجهال من أنه رؤيا رآها بعض الأنصار، فأخبر بها النبيء ÷، فأمَرَهُ أنْ يعلمه بلالًا فهذا من القول محال لا تقبله العقول؛ لأنَّ الأذان من أصول الدين، وأصول الدين فلا يُعلَّمُهَا رسول الله ÷ على لسان بشرٍ من العالمين. انتهى من الأحكام.

وهو ما يراه الإمام عبد الله بن حمزة # أيضا، حيث ذكر ذلك في كتابه المهذب، وكذلك في جوابه على مسائل وردت من الأمير الشريف نور الدين محمد بن يحيى الهادي ضمن المجموع المنصوري الجزء الثاني - القسم الثاني ص ١٩٥ ما لفظه: وسأل أيده الله: عن منام الرجل الأنصاري الذي حكى فيه الأذان وأن الهادي # أنكر ذلك كيف الكلام فيه؟

الجواب عن ذلك: أن رؤية الرجل الأنصاري للأذان مروي من رواية صحيحة، وإنكار الهادي # مستقيم لأن أصول الدين وقواعد الشريعة لا تكون مناماً، وعندنا أن منام ذلك الأنصاري وافق الوحي، فكان الحكم للوحي دونه، كما في حديث تحريم مكة حرسها الله، أن لا يعضد شجرها، ولا ينفر صيدها، ولا يختلى خلاها، فلما بلغ ÷ هذا الحد قال عمه العباس: يا رسول الله إلا الإذخر، فإنه للأحياء وقبورنا وبيوتنا، فقال: «إلا الإذْخِر» فعندنا أن رأي العباس ¥ وافق الوحي لأن الوحي رجع إليه. انتهى.