[قصة عثمان بن مظعون مع كفار قريش في بداية الدعوة النبوية]
  جابر بن عبد الله، وكان من خيار عباد الله، وهو أحد قتلى أحد رضي الله عن حمزة وعنهم - أنَّ الله تعالى أحياه وقال له: يا عبد الله بن عمرو؛ ما تحب أنْ أعمل لك؟ فقال: يا رب تردني إلى الدنيا فأُقاتل فيك فأُقْتل مرة أخرى؛ وذلك لعظم ما شاهد من ثواب الله تعالى(١).
  وهذا هو النصر الكبير والفتح المبين؛ أنْ يصبحَ عدوُّه ذليلاً حقيراً معذباً مَهيناً بعينه وعلمه، ويصبح ملكاً أميراً عزيزاً خطيراً بعين عدوه وعلمه، ولا تأثير لتراخي الأوقات، إذ الواصل في حكم الحاصل، والأمور بخواتيمها.
  وفي الحديث: «إنَّ بَنِي أُمَيَّةَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِي صُوَرِ الذَّرِّ فِي مَوْقِفِ الْقِيَامَةِ يَطَأهُمُ النَّاسُ» وأي نصر في سرورِ ساعةٍ يتعقبه غمُّ الأبد، وذِلةٌ أو ذُلٌّ في غمِّ ساعةٍ يتعقبه سرور الأبد وعزه، فلعن الله العادلين بالله تعالى الجاعلين هذا شُبْهةً في دينه، أما يخافون العقول السليمة تُبَكِّتهم، والعِترة المستحفَظَة تسكتهم، فعلى المعنيين المتقدمين يُحمل قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ١٧٢ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ١٧٣}[الصافات] {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ٤٧}[الروم] إلى ما شاكل ذلك من آيات القرآن الكريم، وكذلك قوله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ١٢٨}[الأعراف: ١٢٨، القصص: ٨٣] فإذا عرف العاقلُ حقيقةَ النصرِ هانَ عليه الأمرُ في استظهار المبطلين على المحقين في دار الدنيا، وعلم أنَّ المحقَّ في الحقيقة منصورٌ وإنْ كان مقهوراً، ومن عرف ذلك حقيقة المعرفة هانت عليه الشدائدُ.
[قصة عثمان بن مظعون مع كفار قريش في بداية الدعوة النبوية]
  وقد روينا أن عثمان بن مظعون(٢) بن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب - وكان من جِلَّة المهاجرين وسادة المؤمنين - كان في جوار الوليد بن المغيرة لعنه الله وقت
= روى عنه: الباقر، وأبلغه السلام عن جده الرسول ÷، وأخوه الإمام الأعظم زيد بن علي @، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، ومحمد بن المنكدر حديث: «اللهم رب هذه الدعوة» وعطيةُ زيارةَ قبر الحسين #، وأبو الزُّبيْر المكي، والشعبي، وعمرو بن دينار، حديث: «لأعطين الراية ... الخبر» انتهى (لوامع الأنوار ط ٣ - ج ٣/ ١٠١ - ١٠٢).
(١) ذَكَرَ هذِهِ الرُّوايَةَ ابنُ عَبْدِ الْبَّر في كتابه الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٣/ ٩٥٥).
(٢) قال الإمام الحجة/مجدالدين بن محمد المؤيدي #: عثمان بن مظعون (بمعجمة مشالة، فمهملة) =