نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

91 - ومن خطبة له # تعرف بخطبة الأشباح وهي من جلائل خطبه #

صفحة 125 - الجزء 1

  مَا لَا تُنْفِدُه مَطَالِبُ الأَنَامِ لأَنَّه الْجَوَادُ الَّذِي لَا يَغِيضُه سُؤَالُ السَّائِلِينَ ولَا يُبْخِلُه إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ.

  صفاته تعالى في القرآن

  فَانْظُرْ أَيُّهَا السَّائِلُ فَمَا دَلَّكَ الْقُرْآنُ عَلَيْه مِنْ صِفَتِه فَائْتَمَّ بِه واسْتَضِئْ بِنُورِ هِدَايَتِه ومَا كَلَّفَكَ الشَّيْطَانُ عِلْمَه مِمَّا لَيْسَ فِي الْكِتَابِ عَلَيْكَ فَرْضُه ولَا فِي سُنَّةِ النَّبِيِّ ÷ وأَئِمَّةِ الْهُدَى أَثَرُه فَكِلْ عِلْمَه إِلَى اللَّه سُبْحَانَه فَإِنَّ ذَلِكَ مُنْتَهَى حَقِّ اللَّه عَلَيْكَ واعْلَمْ أَنَّ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ أَغْنَاهُمْ عَنِ اقْتِحَامِ السُّدَدِ الْمَضْرُوبَةِ دُونَ الْغُيُوبِ الإِقْرَارُ بِجُمْلَةِ مَا جَهِلُوا تَفْسِيرَه مِنَ الْغَيْبِ الْمَحْجُوبِ فَمَدَحَ اللَّه تَعَالَى اعْتِرَافَهُمْ بِالْعَجْزِ عَنْ تَنَاوُلِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِه عِلْماً وسَمَّى تَرْكَهُمُ التَّعَمُّقَ فِيمَا لَمْ يُكَلِّفْهُمُ الْبَحْثَ عَنْ كُنْهِه رُسُوخاً فَاقْتَصِرْ عَلَى ذَلِكَ ولَا تُقَدِّرْ عَظَمَةَ اللَّه سُبْحَانَه عَلَى قَدْرِ عَقْلِكَ فَتَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ هُوَ الْقَادِرُ الَّذِي إِذَا ارْتَمَتِ الأَوْهَامُ لِتُدْرِكَ مُنْقَطَعَ قُدْرَتِه وحَاوَلَ الْفِكْرُ الْمُبَرَّأُ مِنْ خَطَرَاتِ الْوَسَاوِسِ أَنْ يَقَعَ عَلَيْه فِي عَمِيقَاتِ غُيُوبِ مَلَكُوتِه وتَوَلَّهَتِ الْقُلُوبُ إِلَيْه لِتَجْرِيَ فِي كَيْفِيَّةِ صِفَاتِه وغَمَضَتْ مَدَاخِلُ الْعُقُولِ فِي حَيْثُ لَا تَبْلُغُه الصِّفَاتُ لِتَنَاوُلِ عِلْمِ ذَاتِه رَدَعَهَا وهِيَ تَجُوبُ مَهَاوِيَ سُدَفِ الْغُيُوبِ مُتَخَلِّصَةً إِلَيْه سُبْحَانَه