نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

91 - ومن خطبة له # تعرف بخطبة الأشباح وهي من جلائل خطبه #

صفحة 126 - الجزء 1

  فَرَجَعَتْ إِذْ جُبِهَتْ مُعْتَرِفَةً بِأَنَّه لَا يُنَالُ بِجَوْرِ الِاعْتِسَافِ كُنْه مَعْرِفَتِه ولَا تَخْطُرُ بِبَالِ أُولِي الرَّوِيَّاتِ خَاطِرَةٌ مِنْ تَقْدِيرِ جَلَالِ عِزَّتِه الَّذِي ابْتَدَعَ الْخَلْقَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ امْتَثَلَه ولَا مِقْدَارٍ احْتَذَى عَلَيْه مِنْ خَالِقٍ مَعْبُودٍ كَانَ قَبْلَه وأَرَانَا مِنْ مَلَكُوتِ قُدْرَتِه وعَجَائِبِ مَا نَطَقَتْ بِه آثَارُ حِكْمَتِه واعْتِرَافِ الْحَاجَةِ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى أَنْ يُقِيمَهَا بِمِسَاكِ قُوَّتِه مَا دَلَّنَا بِاضْطِرَارِ قِيَامِ الْحُجَّةِ لَه عَلَى مَعْرِفَتِه فَظَهَرَتِ الْبَدَائِعُ الَّتِي أَحْدَثَتْهَا آثَارُ صَنْعَتِه وأَعْلَامُ حِكْمَتِه فَصَارَ كُلُّ مَا خَلَقَ حُجَّةً لَه ودَلِيلًا عَلَيْه وإِنْ كَانَ خَلْقاً صَامِتاً فَحُجَّتُه بِالتَّدْبِيرِ نَاطِقَةٌ ودَلَالَتُه عَلَى الْمُبْدِعِ قَائِمَةٌ فَأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ شَبَّهَكَ بِتَبَايُنِ أَعْضَاءِ خَلْقِكَ وتَلَاحُمِ حِقَاقِ مَفَاصِلِهِمُ الْمُحْتَجِبَةِ لِتَدْبِيرِ حِكْمَتِكَ لَمْ يَعْقِدْ غَيْبَ ضَمِيرِه عَلَى مَعْرِفَتِكَ ولَمْ يُبَاشِرْ قَلْبَه الْيَقِينُ بِأَنَّه لَا نِدَّ لَكَ وكَأَنَّه لَمْ يَسْمَعْ تَبَرُّؤَ التَّابِعِينَ مِنَ الْمَتْبُوعِينَ إِذْ يَقُولُونَ «تَا لله إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ» كَذَبَ الْعَادِلُونَ بِكَ إِذْ شَبَّهُوكَ بِأَصْنَامِهِمْ ونَحَلُوكَ حِلْيَةَ الْمَخْلُوقِينَ بِأَوْهَامِهِمْ وجَزَّءُوكَ تَجْزِئَةَ الْمُجَسَّمَاتِ بِخَوَاطِرِهِمْ وقَدَّرُوكَ عَلَى الْخِلْقَةِ الْمُخْتَلِفَةِ الْقُوَى بِقَرَائِحِ عُقُولِهِمْ وأَشْهَدُ أَنَّ مَنْ سَاوَاكَ بِشَيْءٍ مِنْ خَلْقِكَ فَقَدْ عَدَلَ بِكَ والْعَادِلُ بِكَ كَافِرٌ بِمَا تَنَزَّلَتْ بِه مُحْكَمَاتُ آيَاتِكَ ونَطَقَتْ عَنْه