نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

107 - ومن كلام له # في بعض أيام صفين

صفحة 157 - الجزء 1

  فَلَا يَبْقَى يَوْمَئِذٍ مِنْكُمْ إِلَّا ثُفَالَةٌ كَثُفَالَةِ الْقِدْرِ أَوْ نُفَاضَةٌ كَنُفَاضَةِ الْعِكْمِ تَعْرُكُكُمْ عَرْكَ الأَدِيمِ وتَدُوسُكُمْ دَوْسَ الْحَصِيدِ وتَسْتَخْلِصُ الْمُؤْمِنَ مِنْ بَيْنِكُمُ اسْتِخْلَاصَ الطَّيْرِ الْحَبَّةَ الْبَطِينَةَ مِنْ بَيْنِ هَزِيلِ الْحَبِّ.

  أَيْنَ تَذْهَبُ بِكُمُ الْمَذَاهِبُ وتَتِيه بِكُمُ الْغَيَاهِبُ وتَخْدَعُكُمُ الْكَوَاذِبُ ومِنْ أَيْنَ تُؤْتَوْنَ وأَنَّى تُؤْفَكُونَ فَ {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ} ولِكُلِّ غَيْبَةٍ إِيَابٌ فَاسْتَمِعُوا مِنْ رَبَّانِيِّكُمْ وأَحْضِرُوه قُلُوبَكُمْ واسْتَيْقِظُوا إِنْ هَتَفَ بِكُمْ ولْيَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَه ولْيَجْمَعْ شَمْلَه ولْيُحْضِرْ ذِهْنَه فَلَقَدْ فَلَقَ لَكُمُ الأَمْرَ فَلْقَ الْخَرَزَةِ وقَرَفَه قَرْفَ الصَّمْغَةِ فَعِنْدَ ذَلِكَ أَخَذَ الْبَاطِلُ مَآخِذَه ورَكِبَ الْجَهْلُ مَرَاكِبَه وعَظُمَتِ الطَّاغِيَةُ وقَلَّتِ الدَّاعِيَةُ وصَالَ الدَّهْرُ صِيَالَ السَّبُعِ الْعَقُورِ وهَدَرَ فَنِيقُ الْبَاطِلِ بَعْدَ كُظُومٍ وتَوَاخَى النَّاسُ عَلَى الْفُجُورِ وتَهَاجَرُوا عَلَى الدِّينِ وتَحَابُّوا عَلَى الْكَذِبِ وتَبَاغَضُوا عَلَى الصِّدْقِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَانَ الْوَلَدُ غَيْظاً والْمَطَرُ قَيْظاً وتَفِيضُ اللِّئَامُ فَيْضاً وتَغِيضُ الْكِرَامُ غَيْضاً وكَانَ أَهْلُ ذَلِكَ الزَّمَانِ ذِئَاباً وسَلَاطِينُه سِبَاعاً وأَوْسَاطُه أُكَّالًا وفُقَرَاؤُه أَمْوَاتاً وغَارَ الصِّدْقُ وفَاضَ الْكَذِبُ واسْتُعْمِلَتِ الْمَوَدَّةُ بِاللِّسَانِ وتَشَاجَرَ النَّاسُ بِالْقُلُوبِ وصَارَ الْفُسُوقُ نَسَباً والْعَفَافُ عَجَباً ولُبِسَ