نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

161 - ومن خطبة له # في صفة النبي وأهل بيته وأتباع دينه، وفيها يعظ بالتقوى

صفحة 230 - الجزء 1

  عَلَا بِهَا ذِكْرُه وامْتَدَّ مِنْهَا صَوْتُه أَرْسَلَه بِحُجَّةٍ كَافِيَةٍ ومَوْعِظَةٍ شَافِيَةٍ ودَعْوَةٍ مُتَلَافِيَةٍ أَظْهَرَ بِه الشَّرَائِعَ الْمَجْهُولَةَ وقَمَعَ بِه الْبِدَعَ الْمَدْخُولَةَ وبَيَّنَ بِه الأَحْكَامَ الْمَفْصُولَةَ فَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دَيْناً تَتَحَقَّقْ شِقْوَتُه وتَنْفَصِمْ عُرْوَتُه وتَعْظُمْ كَبْوَتُه ويَكُنْ مَآبُه إِلَى الْحُزْنِ الطَّوِيلِ والْعَذَابِ الْوَبِيلِ.

  وأَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّه تَوَكُّلَ الإِنَابَةِ إِلَيْه وأَسْتَرْشِدُه السَّبِيلَ الْمُؤَدِّيَةَ إِلَى جَنَّتِه الْقَاصِدَةَ إِلَى مَحَلِّ رَغْبَتِه.

  النصح بالتقوى

  أُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّه بِتَقْوَى اللَّه وطَاعَتِه فَإِنَّهَا النَّجَاةُ غَداً والْمَنْجَاةُ أَبَداً رَهَّبَ فَأَبْلَغَ ورَغَّبَ فَأَسْبَغَ ووَصَفَ لَكُمُ الدُّنْيَا وانْقِطَاعَهَا وزَوَالَهَا وانْتِقَالَهَا فَأَعْرِضُوا عَمَّا يُعْجِبُكُمْ فِيهَا لِقِلَّةِ مَا يَصْحَبُكُمْ مِنْهَا أَقْرَبُ دَارٍ مِنْ سَخَطِ اللَّه وأَبْعَدُهَا مِنْ رِضْوَانِ اللَّه فَغُضُّوا عَنْكُمْ عِبَادَ اللَّه غُمُومَهَا وأَشْغَالَهَا لِمَا قَدْ أَيْقَنْتُمْ بِه مِنْ فِرَاقِهَا وتَصَرُّفِ حَالَاتِهَا فَاحْذَرُوهَا حَذَرَ الشَّفِيقِ النَّاصِحِ والْمُجِدِّ الْكَادِحِ واعْتَبِرُوا بِمَا قَدْ رَأَيْتُمْ مِنْ مَصَارِعِ الْقُرُونِ قَبْلَكُمْ قَدْ تَزَايَلَتْ أَوْصَالُهُمْ وزَالَتْ أَبْصَارُهُمْ وأَسْمَاعُهُمْ وذَهَبَ شَرَفُهُمْ وعِزُّهُمْ وانْقَطَعَ سُرُورُهُمْ ونَعِيمُهُمْ فَبُدِّلُوا بِقُرْبِ