نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

185 - ومن خطبة له # يحمد الله فيها ويثني على رسوله ويصف خلقا من الحيوان

صفحة 271 - الجزء 1

  ولَمْ يُعِنْه عَلَى خَلْقِهَا قَادِرٌ ولَوْ ضَرَبْتَ فِي مَذَاهِبِ فِكْرِكَ لِتَبْلُغَ غَايَاتِه مَا دَلَّتْكَ الدَّلَالَةُ إِلَّا عَلَى أَنَّ فَاطِرَ النَّمْلَةِ هُوَ فَاطِرُ النَّخْلَةِ لِدَقِيقِ تَفْصِيلِ كُلِّ شَيْءٍ وغَامِضِ اخْتِلَافِ كُلِّ حَيٍّ ومَا الْجَلِيلُ واللَّطِيفُ والثَّقِيلُ والْخَفِيفُ والْقَوِيُّ والضَّعِيفُ فِي خَلْقِه إِلَّا سَوَاءٌ.

  خلقة السماء والكون

  وكَذَلِكَ السَّمَاءُ والْهَوَاءُ والرِّيَاحُ والْمَاءُ فَانْظُرْ إِلَى الشَّمْسِ والْقَمَرِ والنَّبَاتِ والشَّجَرِ والْمَاءِ والْحَجَرِ واخْتِلَافِ هَذَا اللَّيْلِ والنَّهَارِ وتَفَجُّرِ هَذِه الْبِحَارِ وكَثْرَةِ هَذِه الْجِبَالِ وطُولِ هَذِه الْقِلَالِ وتَفَرُّقِ هَذِه اللُّغَاتِ والأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَاتِ فَالْوَيْلُ لِمَنْ أَنْكَرَ الْمُقَدِّرَ وجَحَدَ الْمُدَبِّرَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ كَالنَّبَاتِ مَا لَهُمْ زَارِعٌ ولَا لِاخْتِلَافِ صُوَرِهِمْ صَانِعٌ ولَمْ يَلْجَئُوا إِلَى حُجَّةٍ فِيمَا ادَّعَوْا ولَا تَحْقِيقٍ لِمَا أَوْعَوْا وهَلْ يَكُونُ بِنَاءٌ مِنْ غَيْرِ بَانٍ أَوْ جِنَايَةٌ مِنْ غَيْرِ جَانٍ!

  خلقة الجرادة

  وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فِي الْجَرَادَةِ إِذْ خَلَقَ لَهَا عَيْنَيْنِ حَمْرَاوَيْنِ وأَسْرَجَ لَهَا حَدَقَتَيْنِ قَمْرَاوَيْنِ وجَعَلَ لَهَا السَّمْعَ الْخَفِيَّ وفَتَحَ لَهَا الْفَمَ السَّوِيَّ وجَعَلَ لَهَا الْحِسَّ الْقَوِيَّ ونَابَيْنِ بِهِمَا تَقْرِضُ ومِنْجَلَيْنِ بِهِمَا تَقْبِضُ يَرْهَبُهَا الزُّرَّاعُ فِي زَرْعِهِمْ ولَا يَسْتَطِيعُونَ ذَبَّهَا،