نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

186 - ومن خطبة له # في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة

صفحة 272 - الجزء 1

  ولَوْ أَجْلَبُوا بِجَمْعِهِمْ حَتَّى تَرِدَ الْحَرْثَ فِي نَزَوَاتِهَا وتَقْضِيَ مِنْه شَهَوَاتِهَا وخَلْقُهَا كُلُّه لَا يُكَوِّنُ إِصْبَعاً مُسْتَدِقَّةً.

  فَتَبَارَكَ اللَّه الَّذِي يَسْجُدُ لَه {مَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً} ويُعَفِّرُ لَه خَدّاً ووَجْهاً ويُلْقِي إِلَيْه بِالطَّاعَةِ سِلْماً وضَعْفاً ويُعْطِي لَه الْقِيَادَ رَهْبَةً وخَوْفاً فَالطَّيْرُ مُسَخَّرَةٌ لأَمْرِه أَحْصَى عَدَدَ الرِّيشِ مِنْهَا والنَّفَسِ وأَرْسَى قَوَائِمَهَا عَلَى النَّدَى والْيَبَسِ وقَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وأَحْصَى أَجْنَاسَهَا فَهَذَا غُرَابٌ وهَذَا عُقَابٌ وهَذَا حَمَامٌ وهَذَا نَعَامٌ دَعَا كُلَّ طَائِرٍ بِاسْمِه وكَفَلَ لَه بِرِزْقِه وأَنْشَأَ السَّحَابَ الثِّقَالَ فَأَهْطَلَ دِيَمَهَا وعَدَّدَ قِسَمَهَا فَبَلَّ الأَرْضَ بَعْدَ جُفُوفِهَا وأَخْرَجَ نَبْتَهَا بَعْدَ جُدُوبِهَا.

١٨٦ - ومن خطبة له # في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة

  مَا وَحَّدَه مَنْ كَيَّفَه ولَا حَقِيقَتَه أَصَابَ مَنْ مَثَّلَه ولَا إِيَّاه عَنَى مَنْ شَبَّهَه ولَا صَمَدَه مَنْ أَشَارَ إِلَيْه وتَوَهَّمَه كُلُّ مَعْرُوفٍ بِنَفْسِه مَصْنُوعٌ وكُلُّ قَائِمٍ فِي سِوَاه مَعْلُولٌ فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَابِ آلَةٍ مُقَدِّرٌ لَا بِجَوْلِ فِكْرَةٍ غَنِيٌّ لَا بِاسْتِفَادَةٍ لَا تَصْحَبُه الأَوْقَاتُ ولَا