نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

186 - ومن خطبة له # في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة

صفحة 273 - الجزء 1

  تَرْفِدُه الأَدَوَاتُ سَبَقَ الأَوْقَاتَ كَوْنُه والْعَدَمَ وُجُودُه والِابْتِدَاءَ أَزَلُه بِتَشْعِيرِه الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَه وبِمُضَادَّتِه بَيْنَ الأُمُورِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَه وبِمُقَارَنَتِه بَيْنَ الأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَه ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ والْوُضُوحَ بِالْبُهْمَةِ والْجُمُودَ بِالْبَلَلِ والْحَرُورَ بِالصَّرَدِ مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا مُقَارِنٌ بَيْنَ مُتَبَايِنَاتِهَا مُقَرِّبٌ بَيْنَ مُتَبَاعِدَاتِهَا مُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا لَا يُشْمَلُ بِحَدٍّ ولَا يُحْسَبُ بِعَدٍّ وإِنَّمَا تَحُدُّ الأَدَوَاتُ أَنْفُسَهَا وتُشِيرُ الآلَاتُ إِلَى نَظَائِرِهَا مَنَعَتْهَا مُنْذُ الْقِدْمَةَ وحَمَتْهَا قَدُ الأَزَلِيَّةَ وجَنَّبَتْهَا لَوْلَا التَّكْمِلَةَ بِهَا تَجَلَّى صَانِعُهَا لِلْعُقُولِ وبِهَا امْتَنَعَ عَنْ نَظَرِ الْعُيُونِ ولَا يَجْرِي عَلَيْه السُّكُونُ والْحَرَكَةُ وكَيْفَ يَجْرِي عَلَيْه مَا هُوَ أَجْرَاه ويَعُودُ فِيه مَا هُوَ أَبْدَاه ويَحْدُثُ فِيه مَا هُوَ أَحْدَثَه إِذاً لَتَفَاوَتَتْ ذَاتُه ولَتَجَزَّأَ كُنْهُه ولَامْتَنَعَ مِنَ الأَزَلِ مَعْنَاه ولَكَانَ لَه وَرَاءٌ إِذْ وُجِدَ لَه أَمَامٌ ولَالْتَمَسَ التَّمَامَ إِذْ لَزِمَه النُّقْصَانُ وإِذاً لَقَامَتْ آيَةُ الْمَصْنُوعِ فِيه ولَتَحَوَّلَ دَلِيلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَدْلُولًا عَلَيْه وخَرَجَ بِسُلْطَانِ الِامْتِنَاعِ مِنْ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيه مَا يُؤَثِّرُ فِي غَيْرِه الَّذِي لَا يَحُولُ ولَا يَزُولُ ولَا يَجُوزُ عَلَيْه الأُفُولُ لَمْ يَلِدْ فَيَكُونَ مَوْلُوداً ولَمْ يُولَدْ فَيَصِيرَ مَحْدُوداً جَلَّ عَنِ اتِّخَاذِ الأَبْنَاءِ،