186 - ومن خطبة له # في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة
  ورَفَعَهَا بِغَيْرِ دَعَائِمَ وحَصَّنَهَا مِنَ الأَوَدِ والِاعْوِجَاجِ ومَنَعَهَا مِنَ التَّهَافُتِ والِانْفِرَاجِ أَرْسَى أَوْتَادَهَا وضَرَبَ أَسْدَادَهَا واسْتَفَاضَ عُيُونَهَا وخَدَّ أَوْدِيَتَهَا فَلَمْ يَهِنْ مَا بَنَاه ولَا ضَعُفَ مَا قَوَّاه هُوَ الظَّاهِرُ عَلَيْهَا بِسُلْطَانِه وعَظَمَتِه وهُوَ الْبَاطِنُ لَهَا بِعِلْمِه ومَعْرِفَتِه والْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْهَا بِجَلَالِه وعِزَّتِه لَا يُعْجِزُه شَيْءٌ مِنْهَا طَلَبَه ولَا يَمْتَنِعُ عَلَيْه فَيَغْلِبَه ولَا يَفُوتُه السَّرِيعُ مِنْهَا فَيَسْبِقَه ولَا يَحْتَاجُ إِلَى ذِي مَالٍ فَيَرْزُقَه خَضَعَتِ الأَشْيَاءُ لَه وذَلَّتْ مُسْتَكِينَةً لِعَظَمَتِه لَا تَسْتَطِيعُ الْهَرَبَ مِنْ سُلْطَانِه إِلَى غَيْرِه فَتَمْتَنِعَ مِنْ نَفْعِه وضَرِّه ولَا كُفْءَ لَه فَيُكَافِئَه ولَا نَظِيرَ لَه فَيُسَاوِيَه هُوَ الْمُفْنِي لَهَا بَعْدَ وُجُودِهَا حَتَّى يَصِيرَ مَوْجُودُهَا كَمَفْقُودِهَا.
  ولَيْسَ فَنَاءُ الدُّنْيَا بَعْدَ ابْتِدَاعِهَا بِأَعْجَبَ مِنْ إِنْشَائِهَا واخْتِرَاعِهَا وكَيْفَ ولَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ حَيَوَانِهَا مِنْ طَيْرِهَا وبَهَائِمِهَا ومَا كَانَ مِنْ مُرَاحِهَا وسَائِمِهَا وأَصْنَافِ أَسْنَاخِهَا وأَجْنَاسِهَا ومُتَبَلِّدَةِ أُمَمِهَا وأَكْيَاسِهَا عَلَى إِحْدَاثِ بَعُوضَةٍ مَا قَدَرَتْ عَلَى إِحْدَاثِهَا ولَا عَرَفَتْ كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى إِيجَادِهَا ولَتَحَيَّرَتْ عُقُولُهَا فِي عِلْمِ ذَلِكَ وتَاهَتْ وعَجَزَتْ قُوَاهَا وتَنَاهَتْ ورَجَعَتْ خَاسِئَةً حَسِيرَةً عَارِفَةً بِأَنَّهَا مَقْهُورَةٌ مُقِرَّةً بِالْعَجْزِ عَنْ إِنْشَائِهَا مُذْعِنَةً بِالضَّعْفِ عَنْ إِفْنَائِهَا!