نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

186 - ومن خطبة له # في التوحيد وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة

صفحة 276 - الجزء 1

  وإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَعُودُ بَعْدَ فَنَاءِ الدُّنْيَا وَحْدَه لَا شَيْءَ مَعَه كَمَا كَانَ قَبْلَ ابْتِدَائِهَا كَذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ فَنَائِهَا بِلَا وَقْتٍ ولَا مَكَانٍ ولَا حِينٍ ولَا زَمَانٍ عُدِمَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الآجَالُ والأَوْقَاتُ وزَالَتِ السِّنُونَ والسَّاعَاتُ فَلَا شَيْءَ {إِلَّا الله الْواحِدُ الْقَهَّارُ} الَّذِي إِلَيْه مَصِيرُ جَمِيعِ الأُمُورِ بِلَا قُدْرَةٍ مِنْهَا كَانَ ابْتِدَاءُ خَلْقِهَا وبِغَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْهَا كَانَ فَنَاؤُهَا ولَوْ قَدَرَتْ عَلَى الِامْتِنَاعِ لَدَامَ بَقَاؤُهَا لَمْ يَتَكَاءَدْه صُنْعُ شَيْءٍ مِنْهَا إِذْ صَنَعَه ولَمْ يَؤُدْه مِنْهَا خَلْقُ مَا خَلَقَه وبَرَأَه ولَمْ يُكَوِّنْهَا لِتَشْدِيدِ سُلْطَانٍ ولَا لِخَوْفٍ مِنْ زَوَالٍ ونُقْصَانٍ ولَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهَا عَلَى نِدٍّ مُكَاثِرٍ ولَا لِلِاحْتِرَازِ بِهَا مِنْ ضِدٍّ مُثَاوِرٍ ولَا لِلِازْدِيَادِ بِهَا فِي مُلْكِه ولَا لِمُكَاثَرَةِ شَرِيكٍ فِي شِرْكِه ولَا لِوَحْشَةٍ كَانَتْ مِنْه فَأَرَادَ أَنْ يَسْتَأْنِسَ إِلَيْهَا.

  ثُمَّ هُوَ يُفْنِيهَا بَعْدَ تَكْوِينِهَا لَا لِسَأَمٍ دَخَلَ عَلَيْه فِي تَصْرِيفِهَا وتَدْبِيرِهَا ولَا لِرَاحَةٍ وَاصِلَةٍ إِلَيْه ولَا لِثِقَلِ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْه لَا يُمِلُّه طُولُ بَقَائِهَا فَيَدْعُوَه إِلَى سُرْعَةِ إِفْنَائِهَا ولَكِنَّه سُبْحَانَه دَبَّرَهَا بِلُطْفِه وأَمْسَكَهَا بِأَمْرِه وأَتْقَنَهَا بِقُدْرَتِه ثُمَّ يُعِيدُهَا بَعْدَ الْفَنَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْه إِلَيْهَا ولَا اسْتِعَانَةٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَيْهَا ولَا لِانْصِرَافٍ مِنْ حَالِ وَحْشَةٍ إِلَى حَالِ اسْتِئْنَاسٍ ولَا مِنْ حَالِ جَهْلٍ وعَمًى إِلَى حَالِ