نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

230 - ومن خطبة له # في مقاصد أخرى

صفحة 352 - الجزء 1

  وقَلَّتْ عَنْكُمْ نَبْوَتُه فَيُوشِكُ أَنْ تَغْشَاكُمْ دَوَاجِي ظُلَلِه واحْتِدَامُ عِلَلِه وحَنَادِسُ غَمَرَاتِه وغَوَاشِي سَكَرَاتِه وأَلِيمُ إِرْهَاقِه ودُجُوُّ أَطْبَاقِه وجُشُوبَةُ مَذَاقِه فَكَأَنْ قَدْ أَتَاكُمْ بَغْتَةً فَأَسْكَتَ نَجِيَّكُمْ وفَرَّقَ نَدِيَّكُمْ وعَفَّى آثَارَكُمْ وعَطَّلَ دِيَارَكُمْ وبَعَثَ وُرَّاثَكُمْ يَقْتَسِمُونَ تُرَاثَكُمْ بَيْنَ حَمِيمٍ خَاصٍّ لَمْ يَنْفَعْ وقَرِيبٍ مَحْزُونٍ لَمْ يَمْنَعْ وآخَرَ شَامِتٍ لَمْ يَجْزَعْ.

  فضل الجد

  فَعَلَيْكُمْ بِالْجَدِّ والِاجْتِهَادِ والتَّأَهُّبِ والِاسْتِعْدَادِ والتَّزَوُّدِ فِي مَنْزِلِ الزَّادِ ولَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا كَمَا غَرَّتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ الْمَاضِيَةِ والْقُرُونِ الْخَالِيَةِ الَّذِينَ احْتَلَبُوا دِرَّتَهَا وأَصَابُوا غِرَّتَهَا وأَفْنَوْا عِدَّتَهَا وأَخْلَقُوا جِدَّتَهَا وأَصْبَحَتْ مَسَاكِنُهُمْ أَجْدَاثاً وأَمْوَالُهُمْ مِيرَاثاً لَا يَعْرِفُونَ مَنْ أَتَاهُمْ ولَا يَحْفِلُونَ مَنْ بَكَاهُمْ ولَا يُجِيبُونَ مَنْ دَعَاهُمْ فَاحْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا غَدَّارَةٌ غَرَّارَةٌ خَدُوعٌ مُعْطِيَةٌ مَنُوعٌ مُلْبِسَةٌ نَزُوعٌ لَا يَدُومُ رَخَاؤُهَا ولَا يَنْقَضِي عَنَاؤُهَا ولَا يَرْكُدُ بَلَاؤُهَا.

  ومنها في صفة الزهاد كَانُوا قَوْماً مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ولَيْسُوا مِنْ أَهْلِهَا فَكَانُوا