حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[الحب في الله والبغض في الله]

صفحة 104 - الجزء 1

  من رحمته غاية الرِّضى، فإنهم رأوا بحاراً من الحديد تَلَظَّى تحتها عبيدُ الدنيا، فخاضوها رضاً بالقضاء وتعرُّضاً للرضى.

[الحب في الله والبغض في الله]

  قوله #: إِنَّهُ مَنْ أَحَبَّ للهِ وَأَبْغَضَ للهِ.

  الحبُّ نقيضُ البغض، ومعنى الحب أن يمتلئ القلبُ بالفكر في المحبوب سروراً، واللسان بذكره حلاوة، والبصر بمشاهدته نوراً. ومعنى قوله: أَحَبَّ للهِ؛ يريدُ أحبَّ أولياءَ الله لِمُجرَّد انقطاعهم إلى الله، وإن لم يصله منهم نفعٌ في الدنيا، وقد روينا بالإسناد الموثوق به إلى أبي ذر | قال: قال رسول الله ÷: «أفْضَلُ الْأعْمالِ الْحُبُّ في اللهِ وَالْبُغْضُ في اللهِ».

  والبغضُ في الله نقيضُ الحب في الله، ومعناه أن تبغض أعداء الله لأجل عداوتهم لله وإن لم يصلك منهم ضررٌ، ولا يقع الحبُّ في الله والبغض في الله على لُطفِ العِشْرَة وحسنِ الجِيرة، وسوء العشرة وقبح الجيرة؛ لأنَّ لين الجانب وحسن الجوار ولطف العشرة من أخلاق الصالحين، والمقربات إلى رب العالمين، وقواعد الدين.

  فالمراد من الحب والبغض ما يتعلق بالقلب على نحو ما قدمنا، اللهم إلا أنْ يكون الْمُحادُّ لله ø عدوّاً مبايناً للمؤمنين، سالّاً عليهم سيف العدوان مع المعتدين، تَعَيَّنَ الفرضُ حينئذٍ في منابذته باليد واللسان، والسيف والسَّنان، ورفع ستر المجاملة، إلَّا ما يوجِبُه تدبيرُ الحرب والمباينة، فإن الرأي في ذلك يختلف، وعلى العبد الاجتهاد، وعلى الله التوفيق، وإنما قلنا ذلك لأن الإدْهان يكون في تلك الحال معصية، ولين الجانب إليه ضلالة.


= بنت عَمْرو أن يأتيه فأبي فقالت: سبحان الله؛ أيبعث إليك ابن بنت رسول الله فلا تأتيه؟! (فصار إليه) فلما صار إِلَيْهِ ثُمَّ انصرف إِلَى رحله، قال لامرأته: أنت طالق، فالحقي بأهلك فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلّا خير! ثُمَّ قَالَ لأصحابه: من أحب منكم أن يتبعني وإلا فإنه آخر العهد. وصار مَعَ الْحُسَيْن، واشتهر عنه قول للحسين: والله لو كنا فِي الدنيا مخلدين لآثرنا فراقها فِي نصرتك ومواساتك! فدعا له الحسين بخير، وهو الذي كان على ميمنة أصحاب الحسين في المعركة، وحبيب بن المظَهّر على الميسرة، ويسمى حبيب بن مظاهر، (انظر أنساب الأشراف للبلاذري ج ٣/ ٣٧٩).