[معاذ بن جبل]
[معاذ بن جبل]
  معاذ بن جبل هو من العلماء المجتهدين، وله في الإسلام تقدمٌّ، وفي الصحبة مَزِيَّة، وبعثه رسول الله ÷ إلى اليمن والياً، فنزل الجَنَدَ، ومات رسول الله ÷ وهو عليها، وهذا نسبه: هو مُعَاذُ بنُ جَبَلِ بنِ عَمْرِو بنِ أَوْسِ بنِ عَائِذِ بنِ عَدِيِّ بنِ كَعْبِ بنِ عَمْرِو بنِ أُذُن(١) بنِ سَعْدٍ بنِ عَلِيِّ بنِ أَسَدِ بنِ سَارِدَةَ بنِ تَزِيدَ بنِ جُشَمِ بنِ الْخَزْرَجِ بنِ حَارِثَةَ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ عَمْرِو بنِ عَامِرٍ بْنِ حارثةَ بْنِ امرئِ القَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ مازِنٍ بْنِ الْأَزْدِ بْنِ الغَوْث.
  والمؤاخذة مفاعلة من الأخذ، فكأنه قال نؤخذ بجريرة ما نقول أم نُسامَح في هذا القدر؟
  فَقَالَ # مجيباً له: وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ.
  الكَبُّ جَعْفُ(٢) الشيء لوجهه. والمناخر هي الأنوف، وهي أشرف ما في الإنسان، فيصير بعد الشرف بساطاً له في النار، وهذا أعظم النكال.
  وحصائد الألسنة ثمارها، وهذا من الاستعارات الفصيحة، والإشارات البليغة أنْ جعل الكلام زرعاً والمسْتَحق عليه ثمراً لذلك الزرع، وهذا من أحسن استعارة وأغرب إشارة؛ لأنَّ المقصود من الزرع ثمرُه، ومن الكلام فائدته ونفعه، فمن زرع من كلامه خيراً حصد خيراً وسلامةً وغُنْماً، ومن زرع من كلامه شرّاً حصد نكالاً وغرامة وغمّاً، فالواجب مراعاة أمر اللسان؛ إذ يتعلقُ به مثل هذا الشأن.
  وقد رُوي أن أبا بكر(٣) بن أبي قُحافة لما حضرتْه الوفاةُ جعل يُنَضْنِضُ(٤) لسانه وهو يقول:
(١) كذا في جميع النسخ، وفي كتب التراجم والطبقات: بن أدي.
(٢) جَعَفَه جَعْفاً فانْجَعَفَ: صرَعه وضرَب بِهِ الأَرضَ فانْصَرَعَ. (لسان ٩/ ٢٧).
(٣) أبو بكر: هو عبدالله بن عثمان بن عامر التيمي، من المهاجرين؛ بايعه أبو عبيدة وعمر ومن تبعهما يوم السقيفة، مع عدم حضور الوصي # والعباس، وكافة بني هاشم، ومن معهم من سادات المهاجرين والأنصار ¤ وكانت بيعته - كما قال عمر برواية البخاري ومسلم وغيرهما - فلتة، وتعقّب ذلك الاختلاف الكثير، والحكم لله العلي الكبير. وكان في أيامه قتال أهل الردة، وغيرهم. توفي في جمادى، سنة ثلاث عشرة، عن ثلاث وستين على الأشهر. عنه: سويد بن غَفَلَة، وغيره. خرج له: أئمتنا الأربعة، والجماعة. (لوامع الأنوار للإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد المؤيدي # - ط ٣ - ج ٣/ ٢٦٦).
(٤) يُنَضْنِضُ لِسانَه: أَي يحرِّكُه. (لسان ٧/ ٢٣٨).