[الشهوة]
  الأمور الإمساكُ عن التقحُّم، وتَعَرُّفُ الصوابِ بالدليل، بحيث لا يبقى في قلب الإنسان رَيب ولا شك، لأنَّ رسول الله ÷ قضى بأنَّ مَنْ واقع الأمور المشتبهات واقع الحرام.
[الشهوة]
  فأمَّا الشهوة فهي تتعلق(١) بوجهين، البطن والفرج، والبطن أعمُّ، وهما الأجوفان اللذان ذكرهما رسول الله ÷، وقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}[النساء] فأيُّ لذَّة تتِمُّ في مأكول لمن عَلِم أن عاقبة أكله تعود ناراً وعاراً، وخزياً وشناراً، وقد قال الشاعر(٢):
  [تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ في مَغَبَّتِهَا] ... لَا خيرَ في لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ
  وقد جعل الله تعالى عاقبة المأكولات والمشروبات في الدنيا إلى الأمور المستقذرات التي تَنفُرُ عنها النفوس، وهذا لعمر الله مُزَهِّدٌ لكل عاقل، هذا مع التبعة العظيمة في الآخرة.
[قصة أمير المؤمنين مع أبي نيزر]
  وفي الرواية أنَّ أمير المؤمنين # دخل على أبي نيزر، وكان أبو نيزر هذا من أولاد ملوك الحبشة، فتاب إلى الله تعالى، وأتى النبيَّ ÷، فخدمه في منازله حتى قبضه الله تعالى إليه، صلى الله وملائكته عليه وآله، فانتقل إلى علي #، فأنزله العين التي تُعرف اليوم بعين أبي نيزر تنسب إليه، وكان إنزاله إياها قبل خروج نهرها الأعظم، وفيها ربيعٌ(٣) صغيرٌ، فدخل إليه # فقال: يا أبا نيزر هل عندك طعام؟ فقال: يا أمير المؤمنين ليس إلَّا
(١) كذا في الأصل، وفي بقية النسخ: تعلق، بتاء واحدة.
(٢) شطر البيت الأول زيادة من كتاب شرح نهج البلاغة، ولم ينسب إلى قائل، وكان الإمام الحجة مجد الدين يتمثل بهذين البيتين:
تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ بُغْيَتَهُ ... مِن الْحَرَامِ وَيَبْقَى الإِثْمُ وَالْعَارُ
تَبْقَى عَوَاقِبُ سَوْءٍ فِي مَغَبِّتِهَا ... لا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ
(٣) الربيع: هو النهر الصغير أو الجدول الصغير.