حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الثامن عشر

صفحة 208 - الجزء 1

الحديث الثامن عشر

  عَنْ⁣(⁣١) أَبِي هُرَيْرَةَ وقد تقدَّمَ الكَلامُ في نَسَبِهِ وَطَرَفٍ مِنْ حالِهِ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ ÷ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِساً إِذْ رَأَيْنَاهُ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ ثَنَايَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: مِمَّ تَضْحَكُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «رَجُلَانِ مِنْ أُمَّتِي جَثَياَ بَيْنَ يَدَيْ رَبِّي، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَبِّ؛ خُذْ لِي بِمَظْلِمَتِي مِنْ أَخِي، قَالَ اللهُ تَعَالَى: اعْطِ أَخَاكَ مَظْلِمَتَهُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَا بَقِيَ مِنْ حَسَنَاتِي شَيْءٌ، فَقَالَ: يَا رَبِّ؛ فَلْيَحْمِلْ مِنْ أَوْزَارِي، وَفَاضَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ ÷، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَيَوْمٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَى أَنْ يُحْمَلَ عَنْهُمْ مِنْ أَوْزَارِهِمْ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ اللهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ بِحَقِّهِ: ارْفَعْ بَصَرَكَ فَانْظُرْ إِلَى الْجِنَانِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَرَأَى مَا أَعْجَبَهُ مِنَ الْحَبْرَةِ وَالنِّعْمَةِ، فَقَالَ: لِمَنْ هَذَا يَا رَبِّ؟ فَقَالَ: لِمَنْ أَعْطَانِي ثَمَنَهُ، قَالَ: وَمَنْ يَمْلِكُ ذَلِكَ يَا رَبِّ؟ قَالَ: أَنْتَ، قَالَ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِعَفْوِكَ عَنْ أَخِيكَ، قَالَ: يَا رَبِّ فَإِنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْه، قَالَ: خُذْ بِيَدِ أَخِيكَ فَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}⁣(⁣٢).

  أبو هريرة مشهور ونقله مأثور، وقد تقدَّم له ذكر فيما سبق.

  قوله: بينا، أصله بينما فحذف الميم، والحذفُ في كلامهم كثير؛ لأن مدار لسانهم على الإيجاز.

  رسول الله هو المؤَدِّي عن ربه ما أرسله به من المصالح إلى العباد، سُمِّي رسولاً لِمَا حمل من الرسالة، وقد تُسمَّى الرِّسالةُ رسولاً، قال الشاعر:

  لقد كَذَبَ الواشون ما بُحْتُ عندَهُم ... بسِرٍّ ولا أرْسَلْتُهم بِرَسول


(١) قال السيد الشريف: حدثنا ابن عرفة أيضا قال حدثنا العباس بن محمد قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة ... الحديث.

(٢) الحديث رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك (٤/ ٦٢٠) رقم (٨٧١٨) وابن أبي الدنيا في كتاب حسن الظن: ٦٦ رقم ١١٨).