حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مقدمة للإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #]

صفحة 21 - الجزء 1

  بعزم الطالبي أبي عزيز ... أبي الفتكات والهمم الكبار

  شريفٌ لم تدنّسه الدنايا ... ولا مرت له بفناء دار

  نشأ للمكرمات فأَحْرَزَتْها ... يداه قبل تلويث الإزار

  إلى آخرها، وهي غرّاء، وهكذا كلام الإمام إمام الكلام؛ فنشر الله به العدل والإحسان، وأظهر به الأمن والإيمان، وطهَّر الأرض من الفسوق والطغيان، وتزلزلت بدعوته النبوية، وصَوْلَتِهِ العلويّة؛ أركان بني العباس بالعراق، وملأت رسائله الإمامية قلوبهم خوفاً وفزعاً لما تضمّنته من الوعيد والإرعاد والإبراق، وحسبك أنها لما وصلت قصيدته البائية بغداد أمر الخليفة العباسي بإغلاق بابها ثلاثة أيام لانخلاع قلبه من الرَّوْعِ والفزع وعنده ألوف من العساكر العظام، فقامت كلمة الإمام مقام الجيش اللهام⁣(⁣١) قال # فيها:

  فقل لبني العباس هذا زماننا ... ومالكمُ إلا إلى الحق مهربُ

  سنجزيكمُ بالإثم براً لأننا ... بنو أحمد وهو النبي المقرب

  إلى قوله:

  بني عمِّنا الأوتار عيب ولحنها ... وشارب خرطوم المدامة أعيب

  ذرونا نريكم كيف تشتجر القنا ... وكيف يثور النقع والنقع أشهب

  إلى قوله:

  أمثلي ينام الليل والخمر تشرب ... أمثلي يلذ العيش والعود يضرب

  حرام عليّ النوم إلا أقلّه ... ووجه المعاصي ظاهر لا يُحجب

  غضبتُ لربي حين عُطِّل دينه ... فهل غاضب مثلي لذي العرش يغضب

  إلى آخرها.

  وكفى ما قاله في شأنه عدّوه المطرّفي، وأقوى الشهادات شهادة الضدّ لضدّه في رسالته التي وجهها إلى أحمد الملقب الناصر منها: (وبعد ذلك تحضّه على الاستعداد لإطفاء نار تأججت في اليمن، أذكى وقودها قائم من بني الحسن، تمالى أهل اليمن على نصرته، وسارعوا إلى جُمْعَتِهِ وجَمَاعَتِهِ، وفيها:


(١) اللهام، كغراب: الجيش العظيم. أفاده في القاموس.