الحديث العشرون
الحديث العشرون
  عَنْ(١) أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ÷ يَقُولُ: «إِنَّمَا أَنْتُمْ خَلَفُ مَاضِينَ، وَبَقِيَّةُ مُتَقَدِّمِينَ، كَانُوا أَكْثَرَ مِنْكُمْ بَسْطَةً، وَأَعْظَمَ سَطْوَةً، أُزْعِجُوا عَنْهَا(٢) أَسْكَنَ مَا كَانُوا إِلَيْهَا، وَغَدَرَتْ بِهِمْ أَوْثَقَ مَا كَانُوا بِهَا، فَلَمْ تُغْنِ عَنْهُمْ قُوَّةُ عَشِيرَةٍ، وَلَا قُبِلَ مِنْهُمْ بَذْلُ فِدْيَةٍ، فَأَرْحِلُوا نُفُوسَكُمْ بِزَادٍ مُبَلِّغٍ، قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذُوا عَلَى فُجَاءةٍ، وَقَدْ غَفَلْتُمْ عَنِ الْإِسْتِعْدَادِ».
  أبو هريرة قد تقد الكلام في ذكره، وتبيين طرف من حاله وأمره.
  ولفظ النبي ÷ قد يهمز فيكون من الإنباء وهو الإخبار والإعلام، قال الله تعالى: {قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}[التحريم: ٣] أي من أخبرك وأعلمك بما أفْشَيْتُ من سِرِّكَ وبثَثْتُ من حديثك، وقد لا يهمز فيكون من الرِّفعة وهي النباوة، وهي بغير همز كما ترى، وقد جاء القرآن الكريم بغير همز وبهمز في ألفاظ النبي(٣) #، فأمَّا هذا الخبر فسماعُنا إياه بغير همز.
  قوله #: إِنَّمَا أَنْتُمْ .....
  هذا خطابٌ لجماعة الحاضر الْمُذكَّر. والخلَف نقيض السلَف، بتحريك اللام، وهو يفيد مَنْ خلَف الأوّلَ في مكانه، وسَكَن في أوطانه، وقام مقامَه في شأنه ووِراثةِ سلطانه، ومن ذلك أُخذت الخلافة، فإن كان هذا الخالِفُ حاله دون حال الموروث السابق قيل خلْفٌ، بسكون اللام،
(١) قال السيد الشريف: حدثنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار قال حدثنا عبد الله بن روح المدائني قال حدثنا شبابة بن سوار قال حدثنا أبو زيد (يعني عبدالله بن العلاء) قال حدثنا القاسم بن عبد الرحمن قال سمعت أبا هريرة يقول ... الحديث.
(٢) في الأصل وفي النسخة (أ): عَنِ الدُّنْيا، وما أثبتناه من نسخة أخرى، ويدل عليه كلام الإمام في الشرح.
(٣) كلمة (النبيء، النبيئين، النبيئون، الأنبئاء، النبوءة) مهموزة في قراءة قالون عن نافع إلا في آيتين في سورة الأحزاب {إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ}[٥٠] {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ}[٥٣] في حالة الوصل لالتقاء الهمزتين المكسورتين.