حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[مواعظ جليلة في التحذير من الدنيا والترغيب في الآخرة]

صفحة 295 - الجزء 1

  قوله #: وَلَاقَى كُلُّ امْرِئٍ مُسْتَقَرَّهُ، وَعَرَفَ مَثْوَاهُ وَمَقِيلَهُ.

  الملاقاة: المواجهة والموافاة. والمستقر: هو وطن الإنسان ومحله. والمثوى هو المنزل والمقام، قال الشاعر:

  طالَ الثَّواءُ على رُسُوم الْمَنْزِلِ ... [بين اللَّكِيكِ وَبَيْنَ ذَاتِ الْحَرْمَلِ⁣(⁣١)]

  ومقيله: محط القائلة، تحت شجرة، أو خباء.

  المَعْنَى فِي ذَلكَ: أن القناع إذا رُفع وزال الشك عَرَف ابنُ آدمَ مستقرَّه؛ أفي جنةٍ أم في نار، ومثواه؛ أفي دار السلامة، أم دار الندامة، ومقيله؛ أفي ظل العرش المجيد، والسدر المخضود، أم تحت شجرة الزقوم، وظل اليحموم؛ فإذا كان من لم ينل أحَدَ الأمرين، وقع في الآخَرِ لا محالة؛ وجب على العاقل الاحترازُ والحزم والاجتهاد، والحريص مُعانٌ، والربُّ كريمٌ، والمطلبُ يسيرٌ، وللخير أسبابٌ، وللشرِّ أبوابٌ، جعلنا الله وإياكم من المتمسكين بأسباب السلامة، النازلين دار الْمُقامة ومحلّ الكرامة، والصلاة على محمد وآله.


(١) الثَّواءُ: طولُ الْمُقام، ثَوَى يَثْوي ثَواءً، (لسان العرب ١٤/ ١٢٥).