[موعظة بليغة في حقيقة الزهاد ونظرتهم إلى الدنيا]
  أَوْ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ حَقِّهِ، أَوْ أَنْ يَكُونَ خَازِناً لَهُ إِلَى حِينِ مَوْتِهِ، فَأُولَئِكَ الَّذِينَ إِنْ نُوقِشُوا عُذِّبُوا، وَإِنْ عُفِيَ عَنْهُمْ سَلِمُوا.
  المحبة نقيض الكراهة. والطَّيِّب نقيض الخبيث، وأصل الطيب ما تشتهيه النفس، والخبيث ما تنفر عنه، ثم صار الطَّيب الحلال وإنْ كان كريهاً؛ لأنه يؤدي إلى المشتهى، والخبيث الحرام وإن كان مشتهى لأنه يؤدي إلى ما تنفر عنه النفس. والسُّبلُ هي الطرق. والصرْف توجيه الأمر إلى جهة. والأحسن نقيض الأقبح، وهي طُرق الخير لأنَّها تؤدي إلى الحسن المحبوب. والوجوه هي المذاهب. والصلة نقيض القطع. والأرحام الأقارب، لكون الأرحام جامعة لهم في الأصل. والبِرُّ نقيضُ العقوق. الإخوان هم المشاركون في النسب أو الدين. والمواساة هي المشاركة للغير والمساواة له بالنفس والأهل، وأصلها المساواة، وهي لغة فيها بالتقديم كما بالتأخير، كما يقال: جبذ وجذب، والمعنى واحد. وفقيره من يعنيه أمره من الأقارب والجيران، أضافهم إليهم في الدار والنسب. والعضُّ معروف. والرصَف حجارة حارَّة تكون أحَرَّ من الجمر يُرْصف بها اللِّبْن وغيره، أي ينضج ويشوى. والكسب والخزن والجمع معناها واحد. والدرهم وزنٌ معروف. والحِلُّ نقيض الحرام. والوضع نقيض الرفع. والوجه هو المذهب. والمنع نقيض الإعطاء. والحق ما يَحِقُّ أي يجب إخراجه فيه. والخَزْنُ هو الخَبْءُ والحفظ، قال الشاعر(١):
  ثُمَّ لا يَخْزَنُ فينا لَحْمُها ... إنَّما يَخْزَنُ لَحْمُ الْمُدَّخِر
  لما كانوا إذا خبَّأُوا اللحم قالوا خَزِنَ، لأنَّ تغيُّرَه كان من خَزْنِه(٢) فسمَّوه باسم سببه، ومثله كثير في كلامهم. والحِين الوقت. والمناقشة شدة البحث، مأخوذ من النَّقْش، وهو البحث والتتبع. والعذاب هو الألم والاستخفاف. والعفو والصفح هو الترك والمسامحة، أُخذ من عفو المرعى الذي لم يُعْرَضْ له. والسلامة نقيض الهلاك ومواقعة المكروه.
(١) هو طرفة بن العبد، وقد تقدمت ترجمته خلال شرح الحديث السادس.
(٢) خَزَنَ الرَّجُلُ اللَّحْمَ يَخْزُنُ: إذا حَفِظَهُ وَادَّخَرَهُ، مثل قَتَلَ يَقْتُلُ، وَخَزِنَ اللَّحْمُ يَخْزَنُ: إذا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ، مثل شَرِبَ يَشْرَبُ، تمت، هامش (أ) (انظر لسان العرب: ١٣/ ١٣٩).