حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[دعاء جليل]

صفحة 329 - الجزء 1

  المشكلات، فكم من ناجٍ بهم، وهالكٌ فيهم؟!

  يا هذا أنصف نفسك من نفسك، أنت أعلم أم ربك؟! أهم هداتك أم أنت هاديهم؟! أهم أئمتك أم أنت إمامهم؟! ما عذرك عند ربك في ترك الفزع إليهم، والاستغناء بطُفَاحَةِ⁣(⁣١) الزبد عن خُلاصة علمهم!.

  فإن قلت: أتَّبِعُ المتقدمين؛ فلا قَدِمْتَ ولا سَلِمْت، هل الحكم إلا واحد؟! ولو خلَّصك عذرُك لخلَّص مَنْ كان قبلك من آبائهم الذين قطعتَ على وجوب اتباعهم، وهو حقٌّ، وإنما عليك في المتأخر أن تجاثيه⁣(⁣٢)، فإنْ أوضحَ لك السبيل، ونصَبَ الدليل الذي لا تستطيع دفعه؛ وإلا انصرفتَ بعذر واضح، وأمَّا أن تنبح من مكان نائي⁣(⁣٣)، وترمي من وراء حجاب؛ فذلك مما يضرك ولا ينفعك.

  وإنما نفثنا بهذه النفثة - أرشدك الله - لأنَّا تَبيَّنَّا في أثناء هذا الخبر الشريف ما بهر العقول، وأوضح الدليل، وقد كنا لقينا قوماً من جهال الشيعة⁣(⁣٤) يدَّعون العلم وهو نازحون عنه، والفهمَ وهو شاسعون عنه في الأرزاق أنها لا تكون إلا بالاحتيال والتصرف والحركة والتقلُّب؛ دون اختيار الحكيم سبحانه، فحرّك ذلك ساكناً، واستخرج كامناً.

  جعلنا الله وإياكم من الغاضبين له وفيه، القائمين لموجب العقل بما يعنيه، والصلاة على محمد وآله.


(١) الطُّفاحَةُ: زَبَدُ القِدْرِ. وكلُّ مَا عَلَا: طُفاحَةٌ، كَزَبَدِ القِدْرِ وَمَا عَلَا مِنْهَا. (لسان العرب ٢/ ٥٣٠).

(٢) قال في هاش الأصْلِ: يُقالُ تَجَاثَى الْخَصْمَانِ بَيْنَ يَدَي الْحَكَمِ إذا بَرَكا عَلَى الرّكَبِ لِلْمُنازَعَةِ، ا. هـ، (انظر لسان العرب ١٤/ ١٣١).

(٣) النَّائِي: الْبَعِيدُ، قال الفراهيدي: النّأْيُ: البُعْدُ ... نَأَى ينأى نأياً، ا. هـ. (كتاب العين ٨/ ٣٩٢).

(٤) هم المطرفية، وهناك الكثير من الكتب والمؤلَّفات للأئمة $ وشيعتهم ¤ التي تطرَّقت للرد عليهم ونفي شبههم، ودحض عقائدهم الفاسدة، وأفكارهم الإلحادية، فمن ذلك: مؤلفات الإمام أحمد بن سليمان #: كتاب (الهاشمة لأنف الضلال عن مذاهب المطرفية الجهال) وكتاب (العمدة في كفر المطرفية المرتدة) وكتاب (الواضحة في ارتداد المطرفية الزنادقة). والإمام أبو الفتح الديلمي # له (الرسالة المبهجة في الرد على الفرقة الضالة المتلجلجة) في الرد على المطرفية، وللإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة # الكثير من الرسائل والجوابات في الرد عليهم، .... الخ.