حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[صنيع بني أمية وبني العباس بأهل البيت وذكر محبس الهاشمية]

صفحة 345 - الجزء 1

  وقال في آخرها:

  كيف اعْتِذاري إلى الْإلَهِ ولَمْ ... يُشْهَرْنَ فِيكَ الْمَأثُورَةُ القُضُبُ

  وَلَمْ أَقُدْ غَارَةً مُلَمْلَمَةً ... فِيها بَنَاتُ الصَّرِيح⁣(⁣١) تَنْتَحِبُ

  فقادها ومضى لحينه ~ ورضوانه في باخمرا بعد وُفورٍ وانتظامِ حالٍ، وهَزْمِهِ للبعوث مَرّةً بعد أخرى في قصص طوال، واستُشْهد في وقعة باخمرا، بعد بلاء شديد، فقال الهمداني في قصيدة يذكره:

  وَقَتِيلُ بَاخَمْرَا الَّذِي ... نَادَى فَأَسْمَعَ كَلَّ شَاهِدْ

  قَادَ الْجُنُودَ إلى الْجُنُو ... دِ كَأَنَّها الْأُسْدُ الْحَوَارِدْ

  فَهَوَى صَرِيعاً لِلْجَبِيـ ... ـنِ وَلَيْسَ مَخْلُوقٌ بِخَالِدْ

  وَتَفَرَّقَتْ أَجْنَادُهُ ... وَثَوَى بِأَكْرَمِ دَارِ وَاحِدْ

  وقال في أخرى:

  لَيْتَني كُنْتُ قَبْلَ وَقْعَةِ باخَمْـ ... ـرا تَوَفَّيْتُ عِدَّتِي مِنْ شُهُورِي

  كَيْفَ بَعْدَ الْمَهْدِيِّ أَوْ بَعْدَ إِبْرا ... هِيمَ نَوْمِي عَلَى الْفِراشِ الْوَثِيرِ؟

  وكم عسى أن نذكر من أخبارهم وقصصهم؛ فإن ذلك يطول.

  فأيُّ اضطهاد ترى هذا؟! وأي ضيم أعظم من هذا؟! {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ٨} ... وما نقم قومُ لوطٍ # عليه وعلى أهل بيته في قولهم: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ٥٦}⁣[النمل] فما الأمر والحمد لله إلا واحد فتأمل.

  قوله #: فَأَعِدُّوا لِذَلِكَ الْإيْمَانَ، وَعُضُّوا عَلَيْهِ النَّوَاجِذَ، وَالْجَأُوا إِلَى الْعَمَلِ الصَّالِح، وَأَكْرِهُوا عَلَيْهِ النُّفُوسَ، وَاصْبِرُوا عَلَى الضَّرَّاءِ، تُفْضُوا إِلَى النَّعِيمِ الدَّائِمِ.

  الإعداد جمع العُدَّة، وهو ما يحتاجه الإنسان للأمور الْمَخوفة الكبار. الإيمان هو التصديق بما عند الله مما وعد به الصابرين المستقيمين. والعضُّ إلصاق الأضراس بالأضراس بشدةٍ واعتمادٍ،


(١) الصَّرِيحُ: الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَفَرَسٌ صَرِيحٌ مِنْ خَيْلٍ صَرائِحَ؛ والصَّريحُ: فَحْلٌ مِنْ خَيْلِ الْعَرَبِ مَعْرُوفٌ، ا. هـ.